الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) لو مات رب ماشية ( قبله ) أي قبل بلوغ الساعي ولو بعد مرور الحول ( يستقبل الوارث ) إن لم يكن عنده نصاب وإلا ضم ما ورثه له وزكى الجميع لقوله وضمت الفائدة له فإن مات بعد البلوغ وقبل العد والأخذ فلا يستقبل بل تؤخذ الزكاة ( ولا تبدأ ) الوصية بها على ما يخرج قبلها من الثلث من فك أسير وصداق مريض ونحوهما ( إن أوصى بها ) ومات قبل بلوغ الساعي بل تكون في مرتبة الوصية بالمال يقدم عليها فك الأسير وما معه الآتي في قوله وقدم لضيق الثلث فك أسير إلخ وما يأتي له في الوصية من أنها تخرج من رأس المال فمحمول على ما إذا لم يكن ساع أو كان ومات بعد بلوغه وقوله ( ولا تجزئ ) إن أخرجها قبل مجيء الساعي ولو بعد مرور الحول حقه التقديم على قوله وقبله يستقبل إلخ وشبه في الاستقبال قوله ( كمروره ) أي الساعي ( بها ) أي بالماشية ( ناقصة ) عن نصاب ( ثم رجع ) عليها وإن كان لا ينبغي له الرجوع ( وقد كملت ) بولادة أو بإبدال من نوعها وأولى بغير نوعها أو بفائدة من هبة أو صدقة فإن ربها يستقبل بها حولا من يوم مروره ( فإن تخلف ) لعذر كفتنة مع إمكان الوصول ( وأخرجت أجزأ ) الإخراج وإن لم تجب بل وجاز ابتداء ( على المختار ) وإنما يصدق ببينة وأما لغير عذر فينبغي الإجزاء اتفاقا فعلم أنه إن أمكن وصوله وتخلف لعذر أو لغيره لم تجب الزكاة بمرور الحول ولكنه إن أخرجها أجزأت وليس للساعي المطالبة بها إذا ثبت الإخراج [ ص: 445 ] ( وإلا ) يخرجها عند تخلفه ثم جاء بعد أعوام ( عمل على ) ما وجد من ( الزيد والنقص للماضي ) من الأعوام التي تخلف فيها أي أخذ عما مضى على حكم ما وجد من زيادة أو نقص حال مجيئه كما أنه يأخذ عن عام مجيئه على ما وجد اتفاقا فلو تخلف أربعة أعوام عن خمسة من الإبل ثم جاء فوجدها عشرين أو بالعكس ففي الأولى يأخذ ست عشرة شاة وفي الثاني أربع شياه فإن وجدها أقل من النصاب فلا زكاة فيها ( بتبدئة العام الأول ) في الأخذ ثم بما بعده إلى عام المجيء ولو قال المصنف وإلا عمل على ما وجد للماضي لكان أوضح وأخصر وأشمل لشموله ما إذا وجدها بحالها الذي فارقها عليه .

التالي السابق


( قوله ولا تبدأ إلخ ) أشار بهذا لقول مالك في المدونة من له ماشية تجب فيها الزكاة فمات بعد حولها وقبل مجيء الساعي وأوصى بزكاتها فهي من الثلث غير مبدأة وعلى الورثة أن يصرفوها للمساكين التي تحل لهم الصدقة وليس للساعي قبضها لأنها لم تجب على الميت وكأنه مات قبل حولها إذ حولها مجيء الساعي بعد مضي عام ا هـ

وحاصله أنه إن أوصى بها ومات قبل مجيء الساعي فهي من الثلث تصرف للفقراء لا للساعي لأنها لم تجب عليه ولا يبدأ بتلك الوصية على ما يخرج من الثلث أولا بل هي في مرتبة الوصية بالمال فيقدم عليها ما يخرج من الثلث أولا كما يأتي بيانه آخر الكتاب وإن مات بعد مجيء الساعي دفعت للساعي من رأس المال لأنها قد وجبت أوصى بها أم لا ; إذ لا فائدة في الوصية حينئذ وقيد إخراجها من الثلث في صورة المصنف بما إذا لم يعتقد وجوبها لأن مراده حينئذ إنما هو الصدقة فلذلك كانت من الثلث وأما إن اعتقد وجوبها فإنها لا تنفذ لأن الوصية حينئذ مبنية على نية فاسدة فيقيد كلام المصنف بهذا كما في ح وأما زكاة العين فما فرط فيه وأوصى بإخراجه فإنه من الثلث مبدأ على ما سواه من العتق والتدبير في المرض ونحوهما وإن اعترف بحولها عليه في المرض وأوصى بإخراجها فهي من رأس المال لأنه لم يفرط وإن لم يوص بها لم يلزم الورثة إخراجها بل يستحب فقط .

( قوله من أنها ) أي زكاة الماشية ( قوله ولا تجزئ ) هذا مفرع على المشهور من أن مجيء الساعي شرط وجوب وعلى مقابله أيضا أنه شرط أداء أي صحة كما بحثه المصنف و ابن عبد السلام وجزم به ابن عرفة ا هـ بن ( قوله ولا تجزئ إن أخرجها قبل مجيء الساعي ) أي وأما قوله الآتي وقدمت بكشهر في عين وماشية فمحمول على من لا ساعي لهم أو لهم ساع ولم يبلغ بأن تخلف في تلك السنة لفتنة مثلا كما سيأتي في قوله وإن تخلف وأخرجت أجزأ .

( قوله كمروره إلخ ) هذا مفرع أيضا على المشهور من أن مجيء الساعي شرط وجوب وقوله كمروره بها أي بعد الحول ( قوله وإن كان لا ينبغي له الرجوع ) أي في ذلك العام ( قوله فإن ربها يستقبل بها حولا من يوم مروره ) أي أولا لا من يوم رجوعه ولا من يوم التمام وإنما استقبل من يوم مروره أولا لأنه بمنزلة ابتداء حول وقد تقدم أن النتاج حوله حول أمه وأن مبدل الماشية بماشية يبني على حول المبدلة وقد علمت أن مروره أولا حول للمبدلة ( قوله مع إمكان الوصول ) أي مع تمكنه منه لولا ذلك العذر ( قوله وأخرجت ) أي بعد مرور الحول ( قوله وجاز ابتداء ) أي كما جزم به ابن عرفة وفي كلام الرجراجي ما يفيده ( قوله على المختار ) وقيل يجب تأخيرها ولو أعواما حتى يأتي الساعي فإن أخرجها فلا تجزئه وهو قول عبد الملك ( قوله وإنما يصدق ) أي ربها في إخراجها ببينة ( قوله وأما لغير عذر ) أي وأما لو تخلف لغير عذر مع إمكان الوصول ( قوله ولكنه إن أخرجها أجزأت ) أي اتفاقا فيما إذا كان التخلف لغير عذر وعلى المختار إذا كان لعذر ( قوله وليس للساعي ) أي إذا أتى في العام القابل وهذه ثمرة إجزائها ( قوله إذا ثبت الإخراج ) أي ببينة وإلا كان له المطالبة بها .

[ ص: 445 ] قوله وإلا يخرجها عند تخلفه ) أي كما هو المطلوب ( قوله من زيادة ) أي على ما كان موجودا حين التخلف أو نقص عنه وقوله حال مجيئه ظرف لما وجد ( قوله بتبدئة العام الأول ) أي على المشهور كما قال ابن بشير وقيل بتبدئة العام الأخير .




الخدمات العلمية