الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 190 ] المسألة السابعة والعشرون :

                                                                                                                                                                                                              خالف أبو حنيفة مالكا في فرع ; وهو إذا قتل جماعة صيدا في حرم وهم محلون فعليهم جزاء واحد ، بخلاف ما لو قتله المحرمون في الحل ، وهو ضعيف ; لأن كل واحد منهم قتل نفسا محرمة ، فسواء كانت في الحل أو في الحرم فإن ذلك لا يختلف .

                                                                                                                                                                                                              وأما القاضي أبو زيد فبناه في أسرار الله على أصل ، وهو أنه قال : السر فيه أن الجناية في الإحرام على العباد ، فقد ارتكب كل واحد منهم محظورا في إحرامه . وإذا قتل صيدا في الحرم فإنما أتلف نفسا محترمة فكان بمنزلة ما لو أتلف جماعة دابة ، فإن كل واحد منهم قاتل دابة ، ويشتركون في القيمة ، وهذا مما يستهين به علماؤنا ، وهو عسير الانفصال .

                                                                                                                                                                                                              وقد عول علماؤنا على أن الرجل يكون محرما بدخوله في الحرم ، كما يكون محرما بتلبيته بالإحرام ، وكل واحد من الفعلين قد أكسبه صفة تعلق بها نهي ، فهو هاتك لها في الحالين . وأبو حنيفة أقوى منا ، على أن علماءنا قالوا : إذا قتل الصيد في الحل وهو محرم فعليه الجزاء ، وإن قتله في الحرم فعليه حكومة ، وهي :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثامنة والعشرون : وقال بعضهم : لا جزاء في صيد الحرم أصلا . وقال سائر العلماء : حرمة الحرم كالإحرام ، واللفظ فيهما واحد ، يقال : أحرم الرجل إذا تلبس بالإحرام ، كما يقال : أحرم إذا دخل في الحرم حسبما تقدم بيانه ، فلا معنى لما قاله من أسقط الجزاء فيه ، ويضعف قول علمائنا لاقتضاء اللفظ لوجوب الجزاء وعموم الحكم في ذلك كله . [ ص: 191 ] المسألة التاسعة والعشرون :

                                                                                                                                                                                                              وكذلك كفارة العبد إذا أحرم أو دخل الحرم ككفارة الحر سواء ; لكن يكون حكمه في الكفارة المالية والبدنية مختلف الحال ، كما سيأتي في آية الظهار إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية