الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5835 6189 - حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان قال: سمعت ابن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - : ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقالوا: لا نكنيك بأبي القاسم، ولا ننعمك عينا. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: " أسم ابنك عبد الرحمن". [انظر: 3114 - مسلم: 2133 - فتح: 10 \ 571]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث سالم، عن جابر - رضي الله عنه - قال: ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقالوا: لا نكنيه حتى نسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - . فقال: "سموا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي". وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - : " سموا .. " الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث ابن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقالوا: لا نكنيك بأبي القاسم، ولا ننعمك عينا. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: "سم ابنك عبد الرحمن".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 609 ] الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              الكنية - بضم الكاف - : سميت بذلك; لأنها تورية عن اسمه، وفي كتاب الخليل: الصواب: يكنى بأبي عبد الله، ولا تقل: يكنى بعبد الله . وكذا في البخاري: لا نكنيك بأبي القاسم. كما أوردناه.

                                                                                                                                                                                                                              واختلف في هذا الحديث: فقيل: نهي عن الجمع بين الاسم والكنية. وقيل: المنع في حياته للإيذاء كما وقع في زمنه. كما أخرجه الترمذي ، وأبعد بعضهم فمنع التسمية بمحمد، روى سالم بن أبي الجعد: كتب عمر - رضي الله عنه - إلى أهل الكوفة: لا تسموا باسم نبي. واعتل بحديث أبي داود: ثنا الحكم بن عطية، عن ثابت، عن أنس (رفعه) : "تسمون أولادكم محمدا ثم تلعنوهم" . ومنهم من رخص في الجمع. قال علي: يجمع بينهما. وكنى ولده محمد ابن الحنفية بذلك، فرخص له - عليه السلام - فيه، وسمى مالك ابنه محمدا وكناه أبا القاسم، وكذا طلحة في ولده محمد.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الطبري: يحمل النهي على الكراهة دون التحريم. وصحح الأخبار كلها ولا تعارض ولا نسخ، وكان إطلاقه لعلي في ذلك إعلاما منه (أمته) جوازه مع الكراهة، وترك الإنكار دليل عليه، وذكر الطبري عن طائفة المنع، وروى ابن سيرين قال: كان مروان بن

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 610 ] الحكم
                                                                                                                                                                                                                              سمى ابنه القاسم، وكان رجل من الأنصار سمى ابنه القاسم، فلما بلغهما هذا الحديث بالنهي سمى مروان ابنه عبد الملك، وغير الأنصاري اسم ابنه. وقال ابن (عون) : سألت ابن سيرين عن الرجل يكنى بكنية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يتسم باسمه أيكره؟ قال: نعم.

                                                                                                                                                                                                                              وقال زبيد الإيامي: كان الرجل منا إذا تكنى بأبي القاسم كنيناه بأبي القاسم. (والذي نص عليه الشافعي: الحرمة) ، وعن طائفة: المنع من الجمع بينهما، وروى أبو الزبير عن جابر أنه - عليه السلام - قال: "من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي". وعن أخرى: الجمع بينهما. وقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين ألا يجعلوا دعاء الرسول بينهم كدعاء بعضهم بعضا، وألا يرفعوا أصواتهم فوق صوته ولا يجهروا له بالقول. وهذا كله حض على توقيره وإجلاله، وتخصيصه بكنية لا يدعى بها غيره من إجلاله وتوقيره.

                                                                                                                                                                                                                              (فائدة: عن كتاب "الإعداد" لابن سراقة: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أربع كنى: أبي عيسى، وأبي الحكم، وأبي مالك، وأبي القاسم لمن اسمه محمد) .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية