الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والبسملة ) آية كاملة ( منها ) عملا ويكفي فيه الظن لا سيما إن قرب من اليقين لإجماع الصحابة على ثبوتها في المصحف بخطه مع تحريمهم في تجريده عما ليس بقرآن بل حتى عن نقطه وشكله وإثبات نحو أسماء السور والأعشار فيه من بدع الحجاج على أنه جعلها بغير خطه ولقوة هذا قال بعض الأئمة إنها منها يقينا ويؤيده تواترها عند جماعة من قراء السبع [ ص: 36 ] وصح من طرق { أنه صلى الله عليه وسلم عدها آية منها } وأنه صلى الله عليه وسلم قال { إذا قرأتم الحمد فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها } وفيه أصرح رد على من كره تسميتها أم القرآن ولا يكفرنا في البسملة إجماعا كمثبتها خلافا لمن وهم فيهما لما تقرر أن الأصح أن ثبوتها ظني لا يقيني ولا تكفير بظني ثبوتا ولا نفيا بل ولا بيقيني لم يصحبه تواتر وإن أجمع عليه كإنكار أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب ، والأصح أنها آية كاملة من أول كل سورة كما صرح به خبر مسلم في { إنا أعطيناك } ولا قائل بالفرق ما عدا { براءة } لأنها نزلت بالسيف باعتبار أكثر مقاصدها ومن ثم حرمت أولها كما هو ظاهر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله حرمت أولها ) عليه منع ظاهر ، وفي الجعبري ما يدل على خلافه فراجعه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والبسملة إلخ ) ويجهر بها حيث يجهر بالفاتحة للاتباع رواه أحد وعشرون صحابيا بطرق ثابتة كما قاله ابن عبد البر نهاية ( قوله كاملة ) رد على من قال أنها بعض آية كما قاله عطية شيخنا أقول قد ينافيه قول المغني وهي آية كاملة من أول الفاتحة قطعا ، وكذا فيما عدا { براءة } من باقي السور على الأصح وفي قول إنها بعض آية ا هـ إلا أن يكون الأول أي الخلاف من غير أصحابنا والثاني أي الاتفاق من أصحابنا ( قوله في المصحف ) أي في أوائل السور نهاية ومغني ( قوله بخطه ) أي المصحف في الكيفية واللون لا متميزا عنه بلون أو كيفية ع ش ( قوله مع تحريهم إلخ ) فلو لم يكن قرآنا لما أجازوا ذلك لأنه يحمل على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا ولو كانت للفصل كما قيل لأثبتت في أول { براءة } ولم تثبت في أول الفاتحة مغني ونهاية ( قوله وإثبات نحو أسماء السور إلخ ) أي وأما نفس أسمائها فكلها توفيقية ع ش وبجيرمي ( قوله والأعشار ) أي الأحزاب والأنصاف .

                                                                                                                              ( قوله من بدع الحجاج ) ومع كون ذلك بدعة فليس محرما ولا مكروها بخلاف نقط المصحف وشكله فإنه بدعة أيضا لكنه سنة بجيرمي ( قوله ولقوة هذا ) أي الظن ( قوله ويؤيده ) أي قول البعض ( قوله تواترها إلخ ) قال الزركشي [ ص: 36 ] في البحر قال سليم الرازي في التقريب لا يشترط في وقوع العلم بالتواتر صفات المحدثين بل يقع ذلك بإخبار المسلمين والكفار والعدول والفساق والأحرار والعبيد والكبار والصغار إذا اجتمعت الشروط ا هـ وعبارة سم في شرح الورقات الصغير وهو أي التواتر أن يرويه جماعة يزيدون على الأربعة كما اعتمده في جمع الجوامع ولو فساقا وكفارا وأرقاء وإناثا وشملت العبارة للصبيان المميزين ع ش ( قوله وصح من طرق إلخ ) فإن قيل يشكل وجوبها في الصلاة بقول أنس { كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين } كما رواه البخاري وبقوله أيضا { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقول بسم الله الرحمن الرحيم } كما رواه مسلم . أجيب بأن معنى الأول كانوا يفتتحون بسورة الحمد ويبينه ما صح عن أنس كما قال الدارقطني أنه كان يجهر بالبسملة وقال لا آلو أن أقتدي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأما الثاني فقال أئمتنا أنه رواية للفظ الأول بالمعنى الذي عبر عنه الراوي بما ذكر بحسب فهمه ولو بلغ الخبر بلفظه كما في البخاري لأصاب إذ اللفظ الأول هو الذي اتفق عليه الحفاظ مغني ونهاية ( قوله ولا بيقيني لم يصحبه تواتر إلخ ) قضيته أنه لا فرق بين العالم به وغيره ع ش ( قوله من أول كل سورة إلخ ) قال النووي في التبيان ما حاصله ، وعلى هذا لو أسقط القارئ البسملة في قراءة الأسباع أو الأجزاء لا يستحق شيئا من المعلوم الذي شرطه الواقف ويوجه بأن الواقف إنما شرط لمن يقرأ سورة { يس } مثلا ومن ترك البسملة يصدق عليه أنه لم يقرأ السورة المشروطة وقد يفرق بينه وبين مستأجر لعمل أتى ببعضه حيث يستحق القسط من المسمى بأن المدار هنا على ما شرطه الواقف وهو لم يوجد فلا يستحق شيئا ا هـ ع ش وأقره المدابغي والأجهوري ( قوله بالفرق ) أي بين { إنا أعطيناك } وغيرها من السور ( قوله ما عدا { براءة } ) استثناء من كل سورة ( قوله ومن ثم حرمت إلخ ) عليه منع ظاهر وفي الجعبري ما يدل على خلافه فراجعه سم عبارة ع ش قوله م ر سورة { براءة } أي فلو أتى بها في أولها كان مكروها خلافا لحج حيث قال بالحرمة ا هـ عبارة شيخنا فتكره البسملة في أولها وتسن في أثنائها كما قاله الرملي وقيل تحرم في أولها وتكره في أثنائها كما قاله ابن حج كابن عبد الحق والشيخ الخطيب ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية