الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو مات وترك ابنين وامرأة وخادما يساوي مائة درهم وترك على رجل مائة درهم ، وأوصى للرجل بما عليه وأوصى أن يعتق الخادم فإن الخادم يعتق منها خمسها وتسعى في أربعة أخماسها للورثة ; لأن الوصية بالعتق تقدم بالتنفيذ على سائر الوصايا فوصية الخادم مثل وصية الرجل الآخر ; لأن قيمتها مثل ما أوصى به للآخر فكان الثلث بينهما على سهمين والثلثان أربعة إلا أنه يطرح سهم المديون ; لأنه عليه فوق نصيبه ويبقى الخادم فتضرب هي بسهم فيها والورثة بأربعة ; فلهذا يعتق خمسها وتسعى للورثة وتسعى في أربعة أخماس قيمتها فإذا أدى المديون ما عليه يحسب له نصيبه مما عليه ، وذلك في الحاصل ثلث ما عليه نصف ثلث جميع المال ويؤدي ما عليه ويدفع من ذلك إلى الخادم تمام الثلث من قيمتها ويأخذ الورثة الفضل فحصل للورثة من جهة كل واحد منهما ستة وثلاثون وثلثان ونفذ بالوصية لهما في ستة وستين وثلثين لكل واحد منهما وثلاثة وثلاثون وثلث هذا قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله .

فأما قول أبي حنيفة رحمه الله فبخلاف هذا ذكره في كتاب العين والدين ، فقال : إن الخادم يسعى في عشرة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من قيمتها ; لأن من أصله أن الموصى له بما زاد على الثلث عند عدم إجازة الورثة لا يضرب بما زاد على الثلث من وصيته والموصى له بالعتق يضرب بجميع وصيته في الثلث ، وههنا أوصى لكل واحد منهما بنصف المال ، والمديون إنما يضرب في الثلث [ ص: 73 ] بمقدار ثلث المال وذلك ستة وستون وثلثان ، والخادم تضرب بجميع قيمتها ، وهو مائة فإذا جعلت كل ثلاثة وثلاثين وثلث سهما صار ذلك خمسة أسهم للخادم ثلاثة ، وللمديون سهمان والثلثان عشرة ، ثم يطرح نصيب المديون ويضرب الورثة في الخادم بعشرة ، والخادم بثلاثة ; فلهذا قال : تسعى في عشرة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من قيمتها إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ تكون القسمة بينهم على خمسة عشر فإذا قسمت الديون يصيبه مما عليه ستة وعشرون وثلثان ; لأن له سهمين من خمسة عشر فإذا قسمت المائتين على خمسة عشر كان كل سهم من ذلك ثلاثة عشر وثلثا فلهذا يمسك ستة وعشرين وثلثين ، ويؤدي ما بقي فإذا أداه رد على الخادم إلى تمام أربعين درهما ; لأن حقه في خمس المال في الحاصل ، وذلك ثلاثة من خمسة عشر وخمس المائتين أربعون فقد نفذنا الوصية لهما في ستة وستين وثلثين ، وأخذ الورثة من الخادم ستين درهما ومن المديون ثلاثة وسبعين وثلثا فذلك مائة وثلاثة عشر وثلث ضعف ما نفذنا فيه الوصية فاستقام

التالي السابق


الخدمات العلمية