الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
488 - " إذا التقى الختانان؛ فقد وجب الغسل " ؛ (هـ)؛ عن عائشة ؛ وعن ابن عمرو ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا التقى الختانان) ؛ أي: تحاذيا؛ لا تماسا؛ والمراد: ختان الرجل؛ وخفاض المرأة؛ فجمعهما بلفظ واحد؛ تغليبا؛ (فقد وجب الغسل) ؛ أي: على الفاعل؛ والمفعول؛ وإن لم يحصل إنزال؛ كما صرح به في رواية؛ فالموجب تغييب الحشفة؛ والحصر في خبر: " إنما الماء من الماء" ؛ منسوخ؛ كما صرح به خبر أبي داود؛ مثل به أصحابنا في الأصول لنسخ السنة بالسنة؛ كما يأتي؛ وذكر الختان غالبي؛ فيجب الغسل بدخول ذكر لا حشفة له؛ في دبر أو فرج بهيمة؛ عند الشافعي ؛ لأنه في معنى المنصوص؛ إذ هو جماع في فرج؛ قال جدي المناوي - رحمه الله -: وعبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بـ " إذا" ؛ دون غيرها؛ إشارة إلى غلبة وقوع شرطها؛ وأن الالتقاء سبب وجوب الغسل؛ وأن الوجوب يكون وقت الالتقاء؛ لدلالة " إذا" ؛ على الزمان؛ ولأن الأصل ألا يتأخر المسبب عن السبب؛ وأنه إذا لم يوجد الالتقاء؛ ولا في معناه؛ بأن غيب بعض الحشفة؛ لا يجب الغسل؛ عملا بمفهوم الشرط؛ وإذا لم يجب الغسل؛ مع كونه أخف ما يترتب على الإيلاج؛ فلا يجب ما هو أشد منه من الحد؛ ووجوب المهر؛ وغير ذلك؛ من باب أولى؛ بدلالة فحوى الخطاب؛ وفي الحديث قصة؛ وذلك أن رفاعة بن رافع قال: كنت عند عمر ؛ فقيل له: إن زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد؛ وفي رواية: يفتي بأنه لا غسل على من يجامع ولا ينزل؛ فقال عمر : " علي به" ؛ فأوتي به؛ فقال عمر : " يا عدو نفسه؛ أوبلغ من أمرك أن تفتي برأيك؟" ؛ فقال: ما فعلت يا أمير المؤمنين ؛ وإنما حدثني عمومتي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: " أي عمومتك؟" ؛ قال: أبي بن كعب ؛ وأبو أيوب ؛ ورفاعة؛ قال: فالتفت عمر إلي وقال: " ما تقول؟" ؛ قلت: كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فجمع الناس؛ فاتفقوا على أن الماء لا يكون إلا من الماء؛ إلا علي؛ ومعاذ ؛ فقالا: " إذا التقى الختانان وجب الغسل" ؛ فقال علي: " يا أمير المؤمنين ؛ سل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأرسل إلى حفصة ؛ فقالت: لا أعلم؛ فأرسل إلى عائشة ؛ فقالت: " إذا جاوز الختان الختان؛ وجب الغسل" ؛ فتحطم عمر - أي: تغلظ -؛ وقال: " لا أوتى بأحد فعله ولم يغتسل؛ إلا أهلكته عقوبة" ؛ قال ابن حجر: حديث حسن؛ أخرجه ابن أبي شيبة ؛ والطبراني ؛ وسياقه أتم؛ قال: كان زيد يفتي بالمسجد؛ فقال: " إذا خالطها ولم يمن؛ لا غسل" ؛ فقام رجل إلى عمر ؛ فقال فيه؛ فالتفت عمر إلى رفاعة [ ص: 302 ] وقال فيه - بعد قول علي ومعاذ -: " قد اختلفتم؛ وأنتم أهل بدر؛..." ؛ إلى آخره.

(هـ)؛ في الطهارة؛ (عن عائشة ؛ وعن ابن عمرو ) ؛ ابن العاص؛ قال ابن حجر: ورجال حديث عائشة ثقات؛ ورواه الشافعي - رضي الله عنه -؛ في الأم؛ والمختصر؛ وأحمد ؛ والنسائي ؛ والترمذي ؛ وقال: حسن صحيح؛ وابن حبان صححه؛ وإعلال البخاري له بأن الأوزاعي أخطأ فيه أجيب عنه؛ وقال النووي في التنقيح: أصله صحيح؛ إلا أن فيه تغييرا؛ انتهى؛ ومن ثم رمز المؤلف لصحته؛ لكنه قصر؛ حيث اقتصر على عزوه لابن ماجه؛ وحده؛ مع وجوده لهؤلاء جميعا؛ ورواه مسلم بلفظ: إذا جلس بين شعبيها الأربع؛ ومس الختان الختان؛ فقد وجب الغسل.



الخدمات العلمية