الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            9845 وعن جعفر بن أبي طالب قال : بعثت قريش عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد بهدية من أبي سفيان إلى النجاشي ، فقالوا له ونحن عنده : قد بعثوا إليك أناسا من سفلتنا وسفهائهم فادفعهم إلينا قال : لا ، حتى أسمع كلامهم ، فبعث إلينا ، وقال : ما تقولون ؟ فقلنا : إن قومنا يعبدون الأوثان ، وإن الله عز وجل بعث إلينا رسولا فآمنا به وصدقناه ، فقال لهم النجاشي : عبيد هم لكم ؟ قالوا : لا . قال : فلكم عليهم دين ؟ قالوا : لا . قال : فخلوا سبيلهم ، فخرجنا من عنده ، فقال عمرو بن العاص : إن هؤلاء يقولون في عيسى غير ما تقولون قال : إن لم يقولوا في عيسى مثل ما نقول ، لا أدعهم في أرضي ساعة من نهار قال : فأرسل إلينا فكانت الدعوة الثانية أشد علينا من الأولى ، فقال : ما يقول صاحبكم في عيسى بن مريم ؟ فقلنا : يقول : " هو روح الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول " . قال : فأرسل ، فقال : ادعوا فلانا القسيس ، وفلانا الراهب ، فأتاه ناس منهم ، فقال : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ قالوا : فأنت أعلمنا فما تقول ؟ قال : فأخذ النجاشي شيئا من الأرض ثم قال : هكذا عيسى بن مريم ما زاد على ما قال هؤلاء مثل هذا ، ثم قال لهم : أيؤذيكم أحد ؟ قالوا : نعم . فأمر مناديا فنادى : من آذى أحدا من هؤلاء فأغرموه أربعة دراهم قال : يكفيكم ؟ فقلنا : لا ، فأضعفها فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، وظهر بها ، قلنا له : إن صاحبنا قد خرج إلى المدينة ، وظهر بها ، وهاجر قبل الذين كنا حدثناك عنهم ، وقد أردنا الرحيل إليه فزودنا قال : نعم ، فحملنا وزودنا وأعطانا ثم قال : أخبر صاحبك ما صنعت إليكم ، وهذا رسولي معك [ ص: 30 ] وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنه رسول الله ، فقل له يستغفر لي ، قال جعفر : فخرجنا حتى أتينا المدينة ، فتلقانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعتنقني ، فقال : " ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح ، أم بقدوم جعفر ؟ " .

                                                                                            ثم جلس ، فقام رسول النجاشي ، فقال : هو ذا جعفر فسله ما صنع به صاحبنا ؟ فقلت : نعم ، قد فعل بنا ، قد فعل كذا وكذا ، وحملنا وزودنا ، ونصرنا ، وشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وقال : قل له يستغفر لي ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ ثم دعا ثلاث مرات : " اللهم اغفر للنجاشي " . فقال المسلمون : آمين . فقال جعفر : فقلت للرسول : انطلق فأخبر صاحبك ما رأيت من النبي - صلى الله عليه وسلم - .


                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية