الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : قوله : { الحرام } : سماها الله سبحانه حراما بتحريمه إياها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن مكة حرمها الله ، ولم يحرمها الناس ، فهي حرام بحرمة الله تعالى ، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما أو يعضد بها شجرا ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له : إن الله سبحانه أذن لرسوله ، ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلغ الشاهد الغائب } .

                                                                                                                                                                                                              رواه الكل من الأئمة ، وثبت عنه في رواية الأئمة أنه { قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : أي شهر هذا ؟ فسكتنا ، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : أليس ذا الحجة ؟ قلنا : بلى . قال : أي بلد هذا ؟ فسكتنا ، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه . [ ص: 207 ] فقال : أليس البلدة ؟ }

                                                                                                                                                                                                              يعني قوله تعالى : { إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء } .

                                                                                                                                                                                                              وفي رواية أنه قال : { أليس البلد الحرام ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم } .

                                                                                                                                                                                                              ومعنى قوله تعالى : حرمها أي بعلمه وكتابه وكلامه وإخباره بتحريمها وخلقه لتحريمها ، كل ذلك منه صحيح ، وإليه منسوب .

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : ومن أي شيء حرمها ؟ قلنا : من سطوة الجبابرة ومن ظلمة الكفر فيها بعد محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : فقد قال في الحديث الصحيح : { ليخربن الكعبة ذو السويقتين من الحبشة } .

                                                                                                                                                                                                              قلنا : هذا عند انقلاب الحال ، وانقضاء الزمن ، وإقبال الساعة ، وسيأتي بيانه الآن إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية