الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2269 15 - حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة ، اقرؤوا إن شئتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فأيما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا ، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من الحيثية المذكورة في الحديث السابق ورجاله قد ذكروا على نسق واحد في باب كراء الأرض بالذهب والفضة . حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا فليح ، عن هلال بن علي . لكن فيه عن هلال عن عطاء بن يسار . وهنا عن هلال ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة وعبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي ، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو ، وفليح بن سليمان . والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن إبراهيم بن المنذر إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) قوله " ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة " يعني أحق وأولى بالمؤمنين في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة من أنفسهم ، ولهذا أطلق ولم يعين فيجب عليهم امتثال أوامره والاجتناب عن نواهيه .

                                                                                                                                                                                  قوله " اقرؤوا إن شئتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم في معرض الاحتجاج لما قاله تنبيها لهم على أن هذا الذي قاله وحي غير متلو طابقه وحي متلو ، وتكلم المفسرون في قوله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وروي عن ابن عباس وعطاء يعني إذا دعاهم النبي إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أولى بهم من طاعة أنفسهم ، وعن مقاتل يعني طاعة النبي صلى الله عليه وسلم أولى من طاعة بعضكم لبعض ، وقيل : إنه أولى بهم في إمضاء الأحكام وإقامة الحدود عليهم لما فيه من مصلحة الخلق والبعد عن الفساد ، وقيل : لأن النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم ، وأنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم ، وقيل : لأن أنفسهم تحرسهم من نار الدنيا ، والنبي صلى الله عليه وسلم يحرسهم من نار العقبى ، وقال ابن التين عن الداودي : قوله " اقرؤوا إن شئتم " أحسبه من كلام أبي هريرة وليس كما ظن ، فقد روى جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، قوله " فليرثه عصبته " العصبة عند أهل الفرائض اسم لمن يرث جميع المال إذا انفرد والفاضل بعد فرض ذوي السهام ، وقيل : العصبة قرابة الرجل لأبيه سموا بذلك من قولهم عصب القوم بفلان أي أحاطوا به ، وهم كل من يلتقي مع الميت في أب أو جد ويكونون معلومين ، وأما المرأة فلا تسمى عصبة على الإطلاق .

                                                                                                                                                                                  قال أبو المعاني : الواحد عاصب قياس غير مسموع ، وكذا قاله الأزهري . قوله " من كانوا " كلمة من موصولة وإنما ذكرها ليتناول أنواع العصبة فإن العصبة له أنواع ثلاثة لأنه إن لم يتوقف على وجود غيره فهو عصبة بنفسه ، وإن توقف فإن كان توقفه على وجود ذكر أو أنثى فالأول عصبة بغيره والثاني عصبة مع غيره على ما عرف في موضعه ، فإن قلت : من أين العموم ؟ قلت : العموم من كلمة " من " لأن ألفاظ الموصولات عامات ، وقال الكرماني : ويحتمل أن تكون " من " شرطية ولم يبين وجه ذلك ، قوله " أو ضياعا " بفتح الضاد المعجمة [ ص: 236 ] مصدر ضاع يضيع ، وقال ابن الجوزي : معناه من ترك شيئا ضائعا كالأطفال ونحوهم فليأتني ذلك الضائع فأنا مولاه أي وليه ، ورواه بعضهم ضياعا بكسر الضاد ، وهو جمع ضائع كما يقال : جائع وجياع ، قال : والأول أصح ، وقال الخطابي : الضياع في الأصل مصدر ثم جعل اسما لكل ما هو بصدد أن يضيع من ولد أو عيال .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية