الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1606 (باب في اللحد ونصب اللبن على الميت)

                                                                                                                              وهو في النووي : في الكتاب المتقدم.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 33، 34 ج 7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [55 عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن سعد بن أبي وقاص قال في مرضه الذي هلك فيه الحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، أن سعد بن أبي وقاص ) رضي الله عنه (قال في مرضه الذي هلك فيه: الحدوا لي لحدا) .

                                                                                                                              بوصل الهمزة، وفتح الحاء. ويجوز بقطع الهمزة، وكسر الحاء. يقال: لحد يلحد، كذهب يذهب. وألحد يلحد: إذا حفر اللحد.

                                                                                                                              [ ص: 375 ] "واللحد" بفتح اللام وضمها: معروف. وهو الشق تحت الجانب القبلي، من القبر.

                                                                                                                              وفيه: دليل على أن الدفن في اللحد، أفضل من القبر، إذا أمكن اللحد.

                                                                                                                              وبه قال الشافعي، والأكثرون.

                                                                                                                              قال النووي : وأجمعوا على جواز اللحد والشق. انتهى.

                                                                                                                              قلت: حديث: " اللحد لنا. والشق لغيرنا"، أخرجه أحمد، وأهل السنن، عن ابن عباس مرفوعا. وحسنه الترمذي، وصححه ابن السكن.

                                                                                                                              وفي إسناده: عبد الأعلى بن عامر . وفيه ضعف.

                                                                                                                              وله شاهد: من حديث جرير، مرفوعا بنحوه. وأخرجه أحمد، والبزار، وابن ماجة .

                                                                                                                              وفي إسناده: عثمان بن منير . وفيه ضعف.

                                                                                                                              وفي الحديثين: دليل على مشروعية اللحد، وأنه الذي ينبغي للمسلمين.

                                                                                                                              ولا ينافي هذا: ما أخرجه أحمد، وابن ماجة، عن أنس قال:

                                                                                                                              "كان رجل يلحد، وآخر يضرح، فقالوا: تبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه، فسبق صاحب الخير فلحدوا له".

                                                                                                                              قال ابن حجر : إسناده حسن.

                                                                                                                              وأخرج ابن ماجة نحوه، من حديث ابن عباس .

                                                                                                                              لأن مجرد تردد من حضر من الصحابة، لا تقوم به الحجة بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "اللحد لنا، والشق لغيرنا".

                                                                                                                              [ ص: 376 ] وأيضا قد اختار الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم (كما في هذا الحديث) : اللحد.

                                                                                                                              وهو ثابت في صحيح مسلم. أعني: حديث الباب.

                                                                                                                              (وانصبوا على اللين نصبا، كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم) .

                                                                                                                              قال النووي : "فيه": استحباب اللحد، ونصب اللبن، وأنه فعل ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم باتفاق الصحابة (رضي الله عنهم) . وقد نقلوا: أن عدد لبناته صلى الله عليه وسلم. انتهى.

                                                                                                                              قلت: اللحد عزمة لا مستحب. والشق رخصة.

                                                                                                                              والظاهر: أنه كان نصب اللبن في جوف القبر. فيجوز ذلك على قدر الحاجة، من دون تعيين عدد.

                                                                                                                              قال في " السيل الجرار ": وأما كراهة إدخال الآجر، فلم يرد بذلك دليل، وهي مثل اللبن، الذي كانوا يفعلونه في أيام النبوة، وأصلب منه.

                                                                                                                              وهكذا إدخال الأحجار في اللحد. فلا وجه للقول بالكراهة.

                                                                                                                              وأما كراهة "التسقيف للقبر"؛ فلكونه خلاف الشريعة الثابتة المستمرة، المستقرة: من أنهم كانوا بعد وضع الميت في حفرته، يهيلون عليه التراب، حتى يستوي على الأرض.

                                                                                                                              [ ص: 377 ] وأيضا هذا التسقيف؛ يصدق عليه أنه بناء على القبر، وهو منهي عنه. انتهى. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية