الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5010 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل الجليس الصالح والسوء ، كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد مه ريحا طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة " . متفق عليه .

التالي السابق


5010 - ( وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل الجليس ) أي : المجالس ( الصالح والسوء ) : بفتح السين وبضم أي : والجليس الصالح ( كحامل المسك ) : ناظرا إلى الأول ( ونافخ الكير ) بكسر الكاف زق ينفخ فيه الحداد ، وأما المبني من الطين فكور كذا في القاموس ( فحامل المسك إما أن يحذيك ) : من الإحذاء أي يعطيك مجانا ( وإما أن تبتاع منه ) ، أي : تشتري ( وإما أن تجد منه رائحة طيبة ) وهذا بيان أقل المنفعة ( ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ) : من الإحراق أي : يكون سببا للإحراق ، أو التقدير يحرق بناره ثيابك ، ولعله وقع اختصارا حيث لم يقل : إما أن يحرق أعضاءك أو ثيابك ( وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) . أي : دخانه ، وهذا أقل المضرة ، والمعنى فعليك بمحبة الأول ومصاحبته ، وإياك ومودة الثاني ومرافقته . قيل : فيه إرشاد إلى الرغبة في صحبة الصلحاء والعلماء ومجالستهم ; فإنها تنفع في الدنيا والآخرة ، وإلى الاجتناب عن صحبة الأشرار والفساق ; فإنها تضر دينا ودنيا . قيل : مصاحبة الأخيار تورث الخير ومصاحبة الأشرار تورث الشر كالريح إذا هبت على الطيب عبقت طيبا ، وإن مرت على النتن حملت نتنا . وقيل : إذا جالست الحمقى علق بك من حماقتهم ما لا يعلق لك من العقل إذا جالست العقلاء ; لأن الفساد أسرع إلى الناس [ ص: 3137 ] وأشد اقتحام ما في الطبائع ، والحاصل أن الصحبة تؤثر ، ولذا قال تعالى : ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ، وقال بعض العارفين : كونوا مع الله ، فإن لم تقدروا أن تكونوا مع الله ، فكونوا مع من يكون مع الله ، وتفصيل هذه المسألة وتفصيل الخلطة والعزلة في الأحياء بطريق الاستقصاء . ( متفق عليه ) .

وفي الجامع الصغير : " مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعديك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه ، وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة " . رواه البخاري عن أبي موسى : " مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه " . رواه أبو داود ، والحاكم عن أنس : " مثل المؤمن كمثل العطار إن جالسته نفعك ، وإن ماشيته نفعك ، وإن شاركته نفعك " . رواه الطبراني عن ابن عمر والله أعلم .




الخدمات العلمية