الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أقر في مرضه بابن [ ص: 19 ] ابن أو بأخ وصدقه المقر به في ذلك ثم أنكره المريض وقال : ليس بيني وبينه قرابة ثم أوصى بماله كله لرجل ثم مات ولا وارث له ، فالمال كله للموصى له ولا شيء للمقر به ; لأن النسب لم يثبت بإقراره وكان إقراره بمنزلة إيجاب المال له بالوصية ، ورجوعه عن ذلك صحيح ، فإن أنكره صار بمنزلة الراجع عما أوجبه له ، فلهذا سلم المال كله له ، ولو لم يوص بماله لأحد كان ماله لبيت المال دون المقر به ; لأن حق المقر به قد بطل بجحوده .

فإن قيل : كلامه بمنزلة الإقرار بالمال فكيف يصح رجوعه عنه ؟ ، قلنا : لا كذلك ، بل هو بمنزلة إيجاب المال له بطريق الخلافة ، وهو الوصية .

( ألا ترى ) أن ما أقر به لو كان ظاهرا لم يستحق المال إلا بهذه الصفة ، ولو لم يقر المريض بشيء من ذلك ، ولكن له عمة أو مولى نعمة ، فأقرت العمة أو مولى النعمة بأخ للميت من أبيه وأمه أو بعم أو بابن عم ثم أنكره ثم مات المريض أخذ المقر به الميراث كله ; لأن الوارث المعروف أقر بأنه مقدم عليه في استحقاق ماله ، وإقراره حجة على نفسه ، ولو جدد الإقرار به بعد موت المريض كان جميع المال للمقر به ، فكذلك إذا أقر به قبل موته .

التالي السابق


الخدمات العلمية