الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                4661 ( 36 ) حدثنا محمد بن بشر حدثنا أبو حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بلحم فرفعت إليه الذراع ، وكانت تعجبه ، فنهس منها نهسة ثم قال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، وهل تدرون بم ذاك ؟ يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فليسمعهم الداعي ينفذهم البصر وتدنو الشمس ، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيقول بعض الناس لبعض : ألا ترى ما نحن فيه ألا ترون ما قد بلغكم ، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض : أبوكم آدم ، فيأتون فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي نفسي ، فاذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح ، فيأتون نوحا فيقولون : يا نوح ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبدا شكورا ، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ؛ ولن يغضب بعده مثله ، وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى إبراهيم : فيأتون إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم ، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم إبراهيم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولا يغضب بعده مثله ، وذكر كذباته نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى فيقولون : يا موسى ، أنت رسول الله ، فضلك الله برسالته وبتكليمه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولا يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا لم أومر بقتلها ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى [ ص: 416 ] عيسى ، فيأتون عيسى ، فيقولون : يا عيسى ، أنت رسول الله ، وكلمت الناس في المهد ؛ وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولا يغضب بعده مثله ولم يذكر له ذنبا نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتوني فيقولون : يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي ، ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده ، وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي ، ثم قيل : يا محمد ، ارفع رأسك ، سل تعطه ، اشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأقول : يا رب أمتي ، يا رب أمتي ، فيقال : يا محمد ، أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده ، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى .

                                                                                ( 37 ) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال : تعطى الشمس يوم القيامة حر عشر سنين ثم تدنو من جماجم الناس حتى تكون قاب قوسين فيغرقون حتى يرشح العرق قامة في الأرض ثم يرتفع حتى يغرغر الرجل ، قال سلمان : حتى يقول الرجل : غر غر ، فإذا رأوا ما هم فيه قال بعضهم لبعض : ألا ترون ما أنتم فيه ، ائتوا أباكم آدم فليشفع لكم إلى ربكم ، فيأتون آدم فيقولون : يا أبانا ، أنت الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسكنك جنته ، قم فاشفع لنا إلى ربنا فقد ترى ما نحن فيه ، فيقول : لست ولست بذاك ؛ فأين الفعلة ، فيقولون : إلى من تأمرنا ؟ فيقول : ائتوا عبدا جعله الله شاكرا ، فيأتون نوحا فيقولون : يا نبي الله ، أنت الذي جعلك الله شاكرا ؛ وقد ترى ما نحن فيه فاشفع لنا إلى ربك ، فيقول : لست هناك ولست بذاك ، فأين الفعلة ؟ فيقولون إلى من تأمرنا ؟ فيقول : ائتوا خليل الرحمن إبراهيم ، فيأتون إبراهيم فيقولون : يا خليل [ ص: 417 ] الرحمن ، قد ترى ما نحن فيه فاشفع لنا إلى ربك ، فيقول : لست هناك ولست بذاك ، فأين الفعلة ؟ فيقولون : إلى من تأمرنا ؟ فيقول : ائتوا كلمة الله وروحه عيسى ابن مريم ، فيأتون عيسى فيقولون : يا كلمة الله وروحه ، قد ترى ما نحن فيه ، فاشفع لنا إلى ربنا ، فيقول : لست هناك ولست بذاك ، فأين الفعلة ؟ فيقولون : إلى من تأمرنا ؟ فيقول : ائتوا عبدا فتح الله به وختم ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ونحن في هذا اليوم أمناء ، فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقولون : يا نبي الله فتح الله بك وختم ، وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، وجئت في هذا اليوم آمنا ، وقد ترى ما نحن فيه فاشفع لنا إلى ربنا ، فيقول : أنا صاحبكم ، فيخرج من بين الناس حتى ينتهي إلى باب الجنة ، فيأخذ بحلقة في الباب من ذهب ، فيقرع الباب فيقال : من هذا ؟ فيقول : محمد ، قال : فيفتح له فيجيء حتى يقوم بين يدي الله فيستأذن في السجود فيؤذن له ، فيسجد فينادي : يا محمد ، ارفع رأسك ، سل تعطه واشفع تشفع وادع تجب ، قال : فيفتح الله عليه من الثناء والتحميد والتمجيد ما لم يفتح لأحد من الخلائق ، قال : فيقول : رب أمتي أمتي ، ثم يستأذن في السجود فيؤذن له فيسجد فيفتح الله عليه من الثناء والتحميد والتمجيد ما لم يفتح لأحد من الخلائق ، وينادي : يا محمد ، ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع وادع تجب ، فيرفع رأسه ويقول : يا رب ، أمتي أمتي مرتين أو ثلاثا ، قال سلمان : فيشفع في كل من كان في قلبه مثقال حبة من حنطة من إيمان أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان ، فذلكم المقام المحمود .

                                                                                ( 38 ) حدثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن غالب عن حذيفة قال : سيد ولد آدم يوم القيامة محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                ( 39 ) حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا ويلهمون ذلك فأراحنا من مكاننا هذا ، فيأتون فيقولون له : يا آدم ، أنت أبو البشر ، وخلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا إلى ربنا يرحنا من مكاننا هذا ، قال : لست هناكم ، ويشكو إليهم أو يذكر خطيئته التي أصاب ، فيستحي ربه ، ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول أرسل إلى أهل الأرض ، فيأتون نوحا فيقول : [ ص: 418 ] لست هناكم ، ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم ، فيستحي ربه ، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن فيأتونه فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه التوراة ، فيأتونه فيقول : لست هناكم ، ويذكر لهم قتل النفس بغير نفس فيستحي ربه من ذلك ، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه ؛ فيأتون عيسى فيقول : لست لذلكم ولست هناكم ، ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فيأتوني قال : الحسن : قال فأنطلق فأمشي بين سماطين من المؤمنين ، انقطع قول الحسن ، فأستأذن على ربي فيؤذن لي ، فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني فيقال : أو يقول : ارفع رأسك قل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأحمده تحميدا يعلمنيه فأشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ، ثم أعود إليه ثانية ، فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقول مثل قوله الأول : قل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأحمده تحميدا يعلمنيه فأشفع فيحد لي حدا ، فأدخلهم الجنة ، ثم أعود إليه ثالثة ، فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني فيقال : سل تعطه واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأحمده تحميدا يعلمنيه فأشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ، ثم أعود إليه في الرابعة فأقول : يا رب ، ما بقي إلا من حبسه القرآن .

                                                                                ( 40 ) حدثنا مالك بن إسماعيل ثنا يعقوب بن عبد الله القمي عن حفص بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني ممسك بحجزكم هلموا عن النار ، وتغلبوني تقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب ، وأوشك أن أرسل حجزكم وأفرط لكم عن أو على الحوض ، وتردون علي معا أو أشتاتا .

                                                                                ( 41 ) حدثنا عمر بن سعد أبو داود الحضري عن شريك عن الركين عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي : كتاب الله وعترتي ، أهل بيتي ، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض .

                                                                                ( 42 ) حدثنا يعلى بن عبيد عن أبي حيان عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال : [ ص: 419 ] بعث إلي عبيد الله بن زياد فأتيته فقال : ما أحاديث تحدث بها بلغتنا وترويها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسمعها في كتاب له وتحدث أن له حوضا ، فقال : قد حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدناه .

                                                                                ( 43 ) حدثنا محمد بن بشر ثنا زكريا عن عطية عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن لي حوضا طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس أبيض مثل اللبن ، وآنيته مثل عدد نجوم السماء ، وإني أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة .

                                                                                ( 44 ) حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن أبي حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي عن كعب بن عجرة قال : خرج إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن جلوس على وسادة من أدم ، فقال : إنه سيكون أمراء فمن دخل عليهم يصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ، وليس يرد علي الحوض ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ويعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه ، وهو وارد علي الحوض .

                                                                                ( 45 ) حدثنا محمد بن بشر ثنا زكريا ثنا عطية العوفي أن أبا سعيد الخدري حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل نبي قد أعطي عطية فتنجزها وإني أختبأت عطيتي لشفاعة أمتي .

                                                                                ( 46 ) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدعى نوح يوم القيامة فيقال : هل بلغت ؟ فيقول : نعم ، فيدعى قومه فيقال : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد ، قال ، فيقال لنوح : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته ، قال : فذلك قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا قال : الوسط العدل قال : فيدعون فيشهدون له بالبلاغ ، قال : ثم أشهد عليكم بعد .

                                                                                ( 47 ) حدثنا علي بن حفص عن المسعودي عن عاصم عن أبي وائل قال : قال عبد الله : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وإن صاحبكم خليل الله وإن محمدا أكرم الخلق على الله ، ثم قرأ عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا [ ص: 420 ]

                                                                                ( 48 ) حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلى قوله فإذا هم قيام ينظرون فأكون أول من رفع رأسه ، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أرفع رأسه قبل أو كان ممن استثنى الله .

                                                                                ( 49 ) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن طلحة مولى قرظة عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد علي الحوض ؛ قلنا لزيد : كم كنتم يومئذ ؟ قال : ما بين الست مائة والسبع مائة .

                                                                                ( 50 ) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن زر عن حذيفة قال : الحوض أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك ، آنيته عدد نجوم السماء ، ما بين أيلة وصنعاء ، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك أبدا .

                                                                                ( 51 ) حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون يقال : ممن هذا الرجل ؟ فيقول : من العرب ، فيقال : من أي العرب ؟ فيقول : من قريش ، ورفعنا لك ذكرك لا أذكر إلا ذكرت " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله " .

                                                                                ( 52 ) حدثنا شريك بن عبد الله عن ابن شبرمة عن الحسن في قوله ألم نشرح لك صدرك أي ملئ حكما وعلما ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك قال : ما أثقل الحمل ؛ الظهر ورفعنا لك ذكرك بلى لا يذكر إلا ذكرت معه .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية