الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                5584 ( 208 ) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس أن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما أول أشراط الساعة ؟ فقال : أخبرني جبريل آنفا أن نارا تحشرهم من قبل المشرق .

                                                                                ( 209 ) حدثنا أبو خالد الأحمر عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال : قال عمر : أيها الناس ، هاجروا قبل الحبشة ، تخرج من أودية بني علي نار تقبل من قبل اليمن تحشر الناس ، تسير إذا ساروا ، وتقيم إذا أقاموا حتى أنها لتحشر الجعلان حتى تنتهي بهم إلى بصرى ، وحتى إن الرجل ليقع فيقف حتى تأخذه [ ص: 624 ]

                                                                                ( 210 ) حدثنا أبو خالد عن جويبر عن الضحاك قوله يرسل عليكما شواظ من نار قال : نار تخرج من قبل المغرب تحشر الناس حتى إنها لتحشر القردة والخنازير ، تبيت حيث باتوا ، وتقيل حيث قالوا .

                                                                                ( 211 ) حدثنا معاوية بن عمرو عن زائدة عن الأعمش عن عمرو عن عبد الله بن الحارث عن حبيب بن جماز عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليت شعري متى تخرج نار من قبل الوراق تضيء لها أعناق الإبل ببصرى بروكا كضوء النهار .

                                                                                ( 212 ) حدثنا أبو عامر العقدي عن علي بن المبارك عن يحيى قال : حدثني أبو قلابة قال : حدثني سالم بن عبد الله قال : حدثني عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت ، تحشر الناس ؛ قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال : عليكم بالشام .

                                                                                ( 213 ) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب عن هذيل بن شرحبيل قال : خطبهم معاوية فقال : يا أيها الناس ، إنكم جئتم فبايعتموني طائعين ؛ ولو بايعتم عبدا حبشيا مجدعا لجئت حتى أبايعه معكم ، فلما نزل عن المنبر قال له عمرو بن العاص : تدري أي شيء جئت به اليوم ؟ زعمت أن الناس بايعوك طائعين ، ولو بايعوا عبدا حبشيا مجدعا لجئت حتى تبايعه معهم ، قال : فندم فعاد إلى المنبر فقال : أيها الناس ، وهل كان أحد أحق بهذا الأمر مني ، وهل هو أحد أحق بهذا الأمر مني ، قال : وابن عمر جالس ، قال : فقال ابن عمر : هممت أن أقول : أحق بهذا الأمر منك من ضربك وأباك عن الإسلام ، ثم خفت أن تكون كلمتي فسادا ؛ وذكرت ما أعد الله في الجنان ، فهون علي ما أقول .

                                                                                ( 214 ) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال : كان قيس بن سعد بن عبادة مع علي على مقدمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رءوسهم بعدما مات علي ، فلما دخل الحسن في بيعة معاوية أبى قيس أن يدخل ، فقال لأصحابه : ما شئتم ، إن شئتم جالدت بكم أبدا حتى بموت الأعجل ، وإن شئتم أخذت لكم أمانا ، فقالوا : خذ لنا أمانا فأخذ لهم أن لهم كذا وكذا ، وأن لا يعاقبوا بشيء ، وأني رجل منهم ، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئا ، فلما ارتحل نحو المدينة ومضى بأصحابه جعل ينحر لهم كل يوم جزورا حتى بلغ [ ص: 625 ]

                                                                                ( 215 ) حدثنا ابن علية عن حبيب بن شهيد عن محمد بن سيرين قال : كان ابن عمر يقول : رحم الله ابن الزبير ، أراد دنانير الشام ، رحم الله مروان ، أراد دراهم العراق .

                                                                                ( 216 ) حدثنا يحيى بن آدم عن فطر قال حدثنا منذر الثوري عن محمد بن علي بن الحنفية قال : اتقوا هذه الفتن فإنها لا يستشرف لها أحد إلا استبقته ، ألا إن هؤلاء القوم لهم أجل ومدة ، لو اجتمع من في الأرض أن يزيلوا ملكهم لم يقدروا على ذلك ، حتى يكون الله هو الذي يأذن فيه ، أتستطيعون أن تزيلوا هذه الجبال .

                                                                                ( 217 ) حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : لما بويع لعلي أتاني فقال : إنك امرؤ محبب في أهل الشام ، فإني قد استعملتك عليهم فسر إليهم ، قال : فذكرت القرابة وذكرت الصهر ، فقلت : أما بعد ، فوالله لا أبايعك ، قال : فتركني وخرج ، فلما كان بعد ذلك جاء ابن عمر إلى أمه أم كلثوم فسلم عليها وتوجه إلى مكة فأتى علي ، فقيل له : إن ابن عمر قد توجه إلى الشام فاستنفر الناس ، قال : فإن كان الرجل ليعجل حتى يلقي رداءه في عنق بعيره ، قال : وأتيت أم كلثوم فأخبرت ، فأرسلت إلى أبيها : ما الذي تصنع ؟ قد جاءني الرجل وسلم علي وتوجه إلى مكة ، فتراجع الناس .

                                                                                ( 218 ) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال : دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل عبد الله بن الزبير بعشر ليال وأسماء وجعة ، فقال لها عبد الله : كيف تجدينك ؟ قالت : وجعة ، قال : إن في الموت لعافية ، قالت : لعلك تشتهي موتي ، فلذلك تمناه ، فوالله ما أشتهي أن تموت حتى نأتي على أحد طرفيك ، إما أن تقتل فأحتسبك ، وإما أن تظهر فتقر عيني ، فإياك أن تعرض عليك خطة لا توافقك ، فتقبلها كراهة الموت ، وإنما عنى ابن الزبير ليقتل فيحزنها بذلك .

                                                                                ( 219 ) حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال : أتيت أسماء بعد قتل عبد الله بن الزبير فقالت : بلغني إنهم صلبوا عبد الله منكسا ، وعلقوا معه هرة ، والله إني لوددت أني لا أموت حتى يدفع إلي فأغسله وأحنطه وأكفنه ثم أدفنه ، فما لبثوا أن جاء كتاب عبد الملك أن يدفع إلى أهله ، فأتيت به أسماء فغسلته وحنطته وكفنته ثم دفنته .

                                                                                ( 220 ) حدثنا ابن عيينة عن منصور بن صفية عن أمه قالت : دخل ابن [ ص: 626 ] عمر المسجد وابن الزبير مصلوب ، فقالوا له : هذه أسماء ، فأتاها وذكرها ووعظها وقال : إن الجثة ليست بشيء وإن الأرواح عند الله فاصبري واحتسبي ، فقالت : وما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل .

                                                                                ( 221 ) حدثنا خلف بن خليفة عن أبيه قال : أخبرت أن الحجاج حين قتل ابن الزبير جاء به إلى منى فصلبه عند الثنية في بطن الوادي ، ثم قال للناس : انظروا إلى هذا ، هذا شر الأمة ، فقال : إني رأيت ابن عمر جاء على بغلة له فذهب ليدنيها من الجذع فجعلت تنفر فقال لمولى له : ويحك ، خذ بلجامها فأدنها ، قال : فرأيته أدناها فوقف عبد الله بن عمر وهو يقول : رحمك الله إن كنت لصواما قواما ، ولقد أفلحت أمة أنت شرها .

                                                                                ( 222 ) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن شمر عن هلال بن يساف قال : حدثني البريد الذي جاء برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير قال : لما وضعته بين يديه قال : ما حدثني كعب بحديث إلا رأيت مصداقه غير هذا ، فإنه حدثني أن يقتلني رجل من ثقيف ، أراني أنا الذي قتلته .

                                                                                ( 223 ) حدثنا ابن فضيل عن سالم بن أبي حفصة عن منذر قال : كنت عند ابن الحنفية فرأيته يتقلب على فراشه وينفخ ، فقالت له امرأته : ما يكربك من أمر عدوك هذا ابن الزبير ، فقال : والله ما بي عدو الله هذا ابن الزبير ، ولكن بي ما يفعل في حرمه غدا ، قال : ثم رفع يديه إلى السماء ثم قال : اللهم أنت تعلم أني كنت أعلم مما علمتني أنه يخرج منها قتيلا يطاف برأسه في الأمصار أو في الأسواق .

                                                                                ( 224 ) حدثنا محمد بن كناسة عن إسحاق بن سعيد عن أبيه قال : أتى عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير فقال : يا ابن الزبير ، إياك والإلحاد في حرم الله ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو أن ذنوبه توزن بذنوب الثقلين لرجحت عليه ، فانظر ألا تكونه .

                                                                                ( 225 ) حدثنا محمد بن كناسة عن إسحاق عن أبيه قال : أتى مصعب بن الزبير عبد الله بن عمر وهو يطوف بين الصفا والمروة فقال : من أنت ؟ قال : ابن أخيك مصعب بن الزبير ، قال : صاحب العراق ؟ قال : نعم ، قال : جئت لأسألك عن قوم خلعوا [ ص: 627 ] الطاعة وسفكوا الدماء وجمعوا الأموال فقوتلوا فغلبوا فدخلوا قصرا فتحصنوا فيه ثم سألوا الأمان فأعطوه ثم قتلوا ، قال : وكم العدة ؟ قال : خمسة آلاف ، قال : فسبح ابن عمر عند ذلك وقال : عمرك الله يا ابن الزبير ، لو أن رجلا أتى ماشية الزبير فذبح منها في غداة خمسة آلاف أكنت تراه مسرفا ؟ قال : نعم ، قال : فتراه إسرافا في بهائم لا تدري ما الله ، وتستحله ممن هلل الله يوما واحدا .

                                                                                ( 226 ) حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين قال : ما رأيت رجلا هو أسب منه يعني ابن الزبير .

                                                                                ( 227 ) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه أن أهل الشام كانوا يقاتلون ابن الزبير ويصيحون به : يا ابن ذات النطاقين ، فقال ابن الزبير :

                                                                                تلك شكاة ظاهر عنك عارها

                                                                                قالت أسماء : عيروك به ، قال نعم ، قالت : فهو والله أحق .

                                                                                ( 228 ) حدثنا جعفر بن عون عن هشام بن عروة أن ابن الزبير كان يشد عليهم حتى يخرجهم عن الأبواب ويقول :

                                                                                لو كان قرني واحدا كفيته     لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
                                                                                ولكن على أقدامنا تقطر الدما

                                                                                .

                                                                                ( 229 ) حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال حدثنا أبو حصين الأسدي عن عامر عن ثابت بن قطبة عن عبد الله قال : الزموا هذه الطاعة والجماعة ، فإنه حبل الله الذي أمر به ، وأن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة ، إن الله لم يخلق شيئا قط إلا جعل له منتهى ، وإن هذا الدين قد تم ، وإنه صائر إلى نقصان ، وإن أمارة ذلك أن تنقطع الأرحام ، ويؤخذ المال بغير حقه ، وتسفك الدماء ويشتكي ذو القرابة قرابته لا يعود عليه بشيء ، ويطوف السائل بين جمعتين لا يوضع في يده شيء ، فبينما هم كذلك إذ خارت الأرض خوار البقرة يحسب كل أناس أنها خارت من قبلهم ، فبينما الناس كذلك إذ قذفت الأرض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة ، لا ينفع بعد شيء منه ذهب ولا فضة .

                                                                                ( 230 ) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن أبي حصين عن يحيى عن مسروق قال : [ ص: 628 ] أشرف عبد الله على داره فقال : أعظم بها حرمة ، ليحطبن فقيل : من ؟ فقال : أناس يأتون من هاهنا ، وأشار أبو حصين بيده نحو المغرب .

                                                                                ( 231 ) حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال حدثنا أبو إسحاق عن أرقم بن يعقوب قال : سمعت عبد الله يقول : كيف أنتم إذا خرجتم من أرضكم هذا إلى جزيرة العرب ومنابت الشيخ ؟ قلت : من يخرجنا من أرضنا ؟ قال : عدو الله .

                                                                                ( 232 ) حدثنا وكيع عن محمد بن قيس عن الشعبي قال : قال حذيفة : كأني بهم مشرفي آذان خيلهم رابطيها بحافتي الفرات .

                                                                                ( 233 ) حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن حذيفة قال : ما تلاعن قوم قط إلا حق عليهم القول .

                                                                                ( 234 ) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن حذيفة قال : ما أبالي على كف من ضربت بعد عمر .

                                                                                ( 235 ) حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عمار قال : قال حذيفة : إن الفتنة لتعرض على القلوب ، فأي قلب أشربها نقط على قلبه نقط سود ، وأي قلب أنكرها نقط على قلبه نقطة بيضاء ، فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا ، فلينظر ، فإن رأى حراما ما كان يراه حلالا أو يرى حلالا ما كان يراه حراما فقد أصابته .

                                                                                ( 236 ) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا قطبة عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن قيس بن سكن عن حذيفة قال : يأتي على الناس زمان لو اعترضتهم في الجمعة نبيل ما أصابت إلا كافرا .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية