الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني ، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا محمد بن عمر ، قال: حدثني عبد الله بن موسى بن عبد الله بن أبي أمية، عن مصعب بن عبد الله، عن مولى لسهيل بن عمرو قال: سمعت سهيل بن عمرو، يقول: لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض معلمين يقتلون ويأسرون.

                                        وكان أبو أسيد الساعدي يحدث بعد أن ذهب بصره قال: لو كنت معكم الآن ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشك ولا أمتري " قال: فحدثني خارجة بن إبراهيم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: " من القائل يوم بدر من الملائكة: أقدم حيزوم؟ فقال جبريل: يا محمد، ما كل أهل السماء أعرف " قال: فحدثني إسحاق بن يحيى، عن حمزة بن صهيب، عن أبيه قال: "فما أدري كم يد مقطوعة أو ضربة جائفة لم يدم كلمها يوم بدر قد رأيتها" [ ص: 58 ] قال: فحدثني محمد بن يحيى ، عن أبي عقيل، عن محمد بن سهل بن أبي خيثمة، عن رافع بن خديج، عن أبي بردة بن نيار قال: " جئت يوم بدر بثلاثة رؤوس فوضعتهن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أما رأسان فقتلتهما، وأما الثالثة فإني رأيت رجلا أبيض طويلا ضربه فأخذت رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك فلان من الملائكة" وكان ابن عباس يقول: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر.

                                        [ ص: 59 ] [ ص: 60 ] قال: فحدثني إبراهيم بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: " كان الملك يتصور في صورة من يعرفون من الناس يثبتونهم فيقول: إني قد دنوت منهم فسمعتهم يقولون: لو حملوا علينا ما ثبتنا، ليسوا بشيء، فذلك قول الله عز وجل: إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا إلى آخر الآية ".

                                        قال: فحدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه قال: كان السائب بن أبي حبيش يحدث في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " والله ما أسرني أحد من الناس، فيقال: فمن؟ فيقول: لما انهزمت قريش انهزمت معها، فيدركني رجل أبيض طويل على فرس أبيض بين السماء والأرض فأوثقني رباطا، وجاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا، وكان عبد الرحمن ينادي في العسكر من أسر هذا فليس يزعم أحد أنه أسرني، حتى انتهي بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ابن أبي حبيش من أسرك؟" فقلت: لا أعرفه، وكرهت أن أخبره بالذي رأيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسرك ملك من الملائكة، اذهب يا ابن عوف بأسيرك، فذهب بي عبد الرحمن بن عوف، فقال [ ص: 61 ] السائب: ما زالت تلك الكلمة أحفظها، وتأخر إسلامي حتى كان من أمري ما كان ".

                                        قال: وحدثني عائذ بن يحيى، حدثنا أبو الحويرث ، عن عمارة بن أكيمة الليثي، عن حكيم بن حزام قال: "لقد رأيتنا يوم بدر وقد وقع بوادي خلص بجاد من السماء قد سد الأفق، وإذا الوادي يسيل نملا، فوقع في نفسي أن هذا شيء من السماء أيد به محمد صلى الله عليه وسلم، فما كانت إلا الهزيمة وهي الملائكة".

                                        وفيما أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي إجازة، أن أبا الحسن بن صبيح أخبره، أن عبد الله بن محمد بن شيرويه، قال: حدثنا إسحاق الحنظلي قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثني أبي قال: سمعت محمد بن إسحاق يقول: حدثني أبي، عن جبير بن مطعم قال: "رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود أقبل من السماء مثل النمل السود، فلم أشكك أنها الملائكة، فلم يكن إلا هزيمة القوم" .

                                        تابعه ابن المبارك، عن محمد بن إسحاق .

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية