الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11 - تفريع فرض الجهاد

17686 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: ( قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ) .

17687 - قال: "ففرض الله جهاد المشركين.

17688 - ثم أبان من الذين يبدأ بجهادهم من المشركين، فاعلم أنهم الذين يلون المسلمين" ثم ساق الكلام في التفريع إلى أن قال: فإن اختلف حال العدو فكان بعضهم أنكا من بعض، أو أخوف، فليبدأ بالأخوف أو الأنكا، فقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن الحارث بن أبي ضرار أنه يجمع له، فأغار النبي صلى الله عليه وسلم وقربه عدو أقرب منه.

17689 - ثم ساق الكلام في التفريع، وأقل ما يجب عليه أن لا يأتي عام إلا وله فيه غزوة، حتى لا يكون الجهاد معطلا في عام إلا من عذر.

17690 - واحتج بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخل من حين فرض عليه الجهاد من أن غزا بنفسه أو غيره في عام من غزو أو غزوين أو سرايا، وقد [ ص: 136 ] كان يأتي عليه الوقت لا يغزو فيه ولا يسرى سرية وقد يمكنه، ولكنه يستجم ويجم له، ويدعو أو يظاهر الحجج على من دعاه.

17691 - ثم ساق الكلام في التفريع إلى أن قال: وإن كانت دار من المسلمين ممتنعة فأكثر من يجوز له أن يغزي من كل رجلين رجلا فيخلف المقيم الظاعن في أهله وماله، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهر إلى تبوك فأراد الروم وكثرة جموعهم قال: "ليخرج من كل رجلين رجل"، والمدينة ممتنعة بأقل ممن خلف فيها.

17692 - قال أحمد: وقد روينا في الحديث الثابت، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني لحيان وقال: "ليخرج من كل رجلين رجل"، ثم قال للقاعد: "أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج" أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن يعقوب، حدثنا ابن عبد الحكم قال: أخبرني عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن أبيه، عن أبي سعيد ، فذكره رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور، عن ابن وهب .

17693 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: "ولا ينبغي أن يولي الإمام الغزو إلا ثقة في دينه، شجاعا ببدنه، حسن [ ص: 137 ] الأناة، عاقلا للحرب بصيرا بها، غير عجل ولا نزق، وأن يتقدم إليه وإلى من ولاه أن لا يحمل المسلمين على مهلكة بحال".

17694 - وبسط الكلام في شرحه وذكر في موضع.

ما: أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي قال: أخبرني الثقفي، عن حميد، عن موسى بن أنس، عن أنس بن مالك، أن عمر بن الخطاب سأله: إذا حاصرتم المدينة كيف تصنعون؟ قال: نبعث الرجل إلى المدينة ونصنع له هنة من جلود قال: " أرأيت إن رمي بحجر؟ قال: إذا يقتل قال: فلا تفعلوا، فوالذي نفسي بيده ما يسرني أن تفتحوا مدينة فيها أربعة آلاف مقاتل بتضييع رجل مسلم ".

17695 - قال الشافعي: ما ذكر عمر بن الخطاب من هذا احتياط وحسن نظر للمسلمين، ثم بسط الكلام فيه وفي موضع آخر: وذكر أنه يحل لهم بأنفسهم أن يقدموا على ما ليس عليهم بتعرض القتل لرجاء إحدى الحسنيين.

17696 - ألا ترى أني لا أرى ضيقا على الرجل أن يحمل على الجماعة حاسرا أو يبارز الرجل، وإن كان الأغلب أنه مقتول؛ لأنه قد بورز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمل رجل من الأنصار حاسرا على جماعة المشركين يوم بدر بعد إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما في ذلك من الخير، فقتل [ ص: 138 ] .

17697 - قال أحمد: هو عوف بن عفراء فيما ذكره ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة.

17698 - وأما قول الله عز وجل: ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) فـ:

التالي السابق


الخدمات العلمية