الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1488 - حدثنا حميد قال : قال أبو عبيد : ومع هذا إنك إذا صرت إلى النظر وجدت الأمر على ما قالوا ، إنه لا صدقة في العوامل من جهتين : إحداهما : أنها إذا اعتملت واستمتع بها الناس ، صارت بمنزلة الدواب المركوبة ، والتي تحمل الأثقال من البغال والحمير ، وأشبهت المماليك والأمتعة ، ففارق حكمها حكم السائمة لهذا وأما الجهة الأخرى فالتي فسرها ابن شهاب وسعيد بن عبد العزيز أنها إذا كانت تسنو أو تحرث ، فإن الحب الذي تجب فيه الصدقة ، إنما يكون حرثه وسقيه ودراسته بها ، فإذا صدقت هي أيضا مع الحب صارت الصدقة مضاعفة على الناس فهذه أحكام صدقة البقر ، وهي على ثلاثة أصناف : فأحدها : إذا كانت بقرا مبقرة ، وهي السوائم التي تتخذ للنسل والنماء ، فصدقتها ما قصصنا في هذا الكتاب من التبيع والمسنة والصنف الثاني أن تكون يراد بها التجارة ، فسنتها في الصدقة غير ذلك ، وهي أن تكون كسائر أموال التجار ، فيقومها ربها لرأس الحول ، ثم يضمها إلى ماله ، فإذا بلغ ذلك مائتي درهم ، أو عشرين مثقالا فصاعدا ، زكاه كما يزكي العين والورق سواء ، في كل مائتين خمسة دراهم ، وفي كل عشرين مثقالا نصف مثقال ، وما زاد فبالحساب ، والصنف الثالث : هذه العوامل التي ذكرناها فلا صدقة فيها وكذلك الإبل إذا كانت مؤبلة يبتغى نسلها ونماؤها ، فصدقتها على ما ذكرنا من كتب النبي صلى الله عليه وسلم وكتب عمر في الصدقة ، أن في كل خمس شاة ، ثم على هذا ، وإن كانت للتجارة فعلى ما ذكرنا من [ ص: 850 ] أموال التجارة ، وإن كانت عوامل فلا شيء فيها فأما الغنم ، فإنها تجامع البقر والإبل في السائمة والتجارة ، وتفارقهما في العوامل ، لأن الغنم لا عوامل فيها ولكن الصنف الثالث من الغنم التي تسقط عنه الصدقة من الربائب التي تتخذ في البيوت والأمصار والقرى ، فتكون ألبانها لقوت الناس وطعامهم ، وليست لتجارة ولا سائمة ، وهي التي قال فيها إبراهيم ومجاهد :

التالي السابق


الخدمات العلمية