الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) إذا نقص جزء العبادة أو شرطها فنسخ للجزء والشرط ، لا للعبادة ، وقيل : نسخ للعبادة .

            عبد الجبار : إن كان جزءا ، لا شرطا .

            لنا : لو كان نسخا لوجوبها افتقرت إلى دليل ثان وهو خلاف الإجماع .

            قالوا : ثبت تحريمها بغير طهارة وبغير الركعتين ، ثم ثبت جوازها أو وجوبها بغيرهما .

            قلنا : الفرض لم يتجدد وجوب .

            التالي السابق


            ش - إذا نقص من العبادة ما لا يتوقف صحة العبادة عليه ، كنسخ سنة من السنن ؛ مثل الوقوف على يمين الإمام - لا يكون نسخا للعبادة بالاتفاق ، بل يكون نسخا لما نقص .

            [ ص: 575 ] أما إذا نقص من العبادة ما يتوقف صحة العبادة ( عليه كجزء من أجزاء العبادة ) أو شرط من شروطها ، مثل ما إذا نقصت ركعة من الركعات الأربع ، أو نقص وجوب الطهارة - فقد اتفقوا على أنه نسخ للجزء والشرط .

            وقد اختلفوا في أنه نسخ للعبادة أم لا .

            والمختار عند المصنف أن نقصان الجزء والشرط لا يكون نسخا للعبادة .

            وقيل : نقصانهما نسخ للعبادة .

            وقال عبد الجبار : نقصان الجزء نسخ للعبادة ، ونقصان الشرط ليس بنسخ للعبادة .

            واحتج المصنف على المذهب المختار بأن نقصان جزء العبادة أو شرطها لو كان نسخا لوجوب العبادة لافتقرت العبادة في وجوبها بعد نقصان الجزء أو الشرط إلى دليل ثان .

            والتالي باطل ، لأن الإجماع منعقد على أن الباقي لا يفتقر وجوبه إلى دليل ثان .

            بيان الملازمة : أن وجوب العبادة الذي كان ثابتا قبل نقصان الجزء أو الشرط قد ارتفع بنقصان الجزء أو الشرط ; لأن التقدير أن [ ص: 576 ] النقصان نسخ للوجوب ، فوجوبها بعد النقصان لا بد له من دليل آخر .

            القائلون بأن نقصان الجزء أو الشرط نسخ للعبادة قالوا : قبل نقصان الجزء أو الشرط ثبت تحريم العبادة بغير الشرط وبغير الجزء ، وهذا التحريم لم يكن بالأصل بل بالشرع ، فإذا نقص الجزء أو الشرط ثبت جواز العبادة أو وجوبها بغير الجزء والشرط ، فارتفع التحريم المذكور .

            فيكون نقصان الجزء أو الشرط نسخا ؛ لكونه رافعا للتحريم المذكور .

            أجاب بأنه لا كلام في نسخ التحريم المذكور ، بل النزاع في نسخ وجوب العبادة بعد نقصان الجزء ، والفرض أنه لم يتجدد وجوب العبادة بعد نقصان الجزء أو الشرط ، لانعقاد الإجماع على عدم احتياج وجوب العبادة إلى دليل ثان .

            وإذا لم يتجدد وجوب لم يتحقق نسخ الوجوب الأول .




            الخدمات العلمية