الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                29 - سكوت المزكي عند سؤاله عن الشاهد تعديل .

                التالي السابق


                ( 29 ) قوله : سكوت المزكي عند سؤاله عن الشاهد إلخ . قيل عليه : هذا مما لا يعتمد عليه لما فيه من الإبهام ، فإنه قال في الملتقط : كان الليث قاضيا فاحتاج إلى تعديل شاهد وكان المزكي مريضا فعاده القاضي وسأل عن الشاهد فسكت العدل ثم سأله فسكت فقال : أسألك فلا تجيبني ، فقال : أما يكفيك من مثلي السكوت ، فلما استقضى أبو مطيع أرسل الأمير إلى يعقوب القاري يساوره فسأله الرسول في الطريق عن أبي مطيع فقال يعقوب : أبو مطيع أبو مطيع قال محمد بن سلمة إذا كان العدل مثل يعقوب فلا بأس بمثل هذا التعديل وأنت ترى ما فيه من الاحتمال . أقول : يزاد على السبع والثلاثين ما في شرح الكنز للمصنف رحمه الله وهي تزكية العالم فإن سكوته [ ص: 446 ] يقوم مقام نطقه بها .

                ويزاد أيضا ما في شرح الكنز للمصنف رحمه الله هو أن المودع يصير مودعا بسكوته عقيب وضع رجل متاعه عنده وهو ينظر ; وزاد بعض الفضلاء أخرى ، وهو أن من وضع متاعه عند رجل وسكت وذهب يصير مودعا يعني بكسر الدال وفي التي قبلها بفتحها . ويزاد ما في المحيط : رجل زوج رجلا بغير أمره فهناه القوم وقبل التهنئة فهو رضا لأن قبول التهنئة دليل الإجازة ، وهو في شرح الكنز للمصنف ، فصارت المسائل أربعين ثم زاد بعض الفضلاء حادية وأربعين . وهي إن وصي ميت استأجر أحد الحمالين ليحملا الجنازة إلى المقبرة ، والآخر حاضر ساكت ، وكذا إذا استأجر أحد الورثة لحضرة الوصيين وهما ساكتان جاز ذلك ويكون من جميع المال وهي بمنزلة الكفن ، كذا في الخانية وفي المحيط أبسط من ذلك ، ثم زاد ثانية وأربعين ، وهي ما قال صاحب الدار للساكن : اسكن بكذا وإلا فاخرج ، فسكت وسكن ، كان مستأجرا بالمسمى بسكناه وسكوته ، وكذا إذا قال الراعي للمالك : لا أرضى بما سميت وإنما أرضى بكذا فسكت المالك فرعى الراعي لزم المالك ما سماه الراعي بسكوت المالك ثم زاد ثلاثة وأربعين وهي ما قال في المبتغى في من زفت إليه امرأته بلا جهاز ، فله مطالبة الأب بما بعث إليه من الدراهم والدنانير ، وإن كان الجهاز قليلا فله المطالبة بما يتعلق بالمبعوث ، وله استرداد ما بعث ; والمعتبر ما يتخذ للزوج لا ما يتخذ لها ، فلو سكت بعد الزفاف طويلا ليس له أن يخاصم بعده وإن لم يتخذ له شيئا . ثم زاد أربعة وأربعين وهي ما إذا وهب الدين ممن عليه الدين فإنه إذا سكت الموهوب له صحت الهبة ويسقط الدين ; لأن سكوته وعدم رده من ساعته دليل القبول عادة ، وإن قال من ساعته : لا أقبل بطل وبقي الدين على حاله . ذكره الزيلعي في مسائل شتى وزاد بعضهم من الفضلاء على ذلك : السكوت على المنكر رضى به والسكوت على بدعة رضى بها ( انتهى ) .

                أقول ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم ينكر بقلبه ويزاد أيضا ما لو تزوجت من غير كفء فسكت الولي حتى ولدت يكون سكوته رضى كما نص عليه الزيلعي : ويزاد أيضا الوكالة فإنها كما تثبت بالقول تثبت بالسكوت . ولذا قال في الظهيرية : لو قال ابن العم للكبيرة إني أريد أن أزوجك نفسي فسكتت فتزوجها جاز ذكره المصنف رحمه الله في باب الأولياء والأكفاء في شرح الكنز .

                ويزاد أيضا ما لو [ ص: 447 ] أبرأه فسكت صح ولا يحتاج إلى القبول . ولشيخنا في شرح الوهبانية كلام يتعلق بمسألة الإبراء فليراجع . ويزاد أيضا سكوت الراهن عند بيع المرتهن يكون مبطلا يعني للرهن في إحدى الروايتين . ذكر الزيلعي وقاضي خان وهي تعلم من الكلام المصرح أول القاعدة ، ويزاد أيضا ما لو أوصى لرجل فسكت في حياته فلما مات باع الوصي بعض التركة أو تقاضى دينه فهو قبول للوصاية كما في معين الحكام . والله الهادي إلى بلوغ المرام ، وهذا الجمع والإطناب من خواص هذا الكتاب .




                الخدمات العلمية