الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وإذا عجز الواقف عن الصرف [ ص: 242 ] إلى جميع المستحقين ، فإن كان أصله من بيت المال روعي فيه صفة الأحقية من بيت المال ، فإن كان في أهل الوظائف من هو بصفة الاستحقاق من بيت المال ومن ليس كذلك ، فقدم الأولون عن غيرهم من العلماء وطلبة العلم وآل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإن كانوا كلهم بصفة الاستحقاق منه قدم الأحوج فالأحوج ، فإن استووا في حاجة قدم الأكبر فالأكبر فيقدم المدرس ثم المؤذن ثم الإمام ثم القيم ، وإن كان الوقف ليس مأخوذا من بيت المال ، اتبع فيه شرط الواقف ، فإن لم يشترط تقديم أحد لم يقدم فيه أحد ، بل يقسم على كل منهم بجميع أهل الوقف بالسوية ، أهل الشعائر وغيرهم ( انتهى ) بلفظه . وقد اغتر بذلك كثير من الفقهاء في زماننا فاستباحوا تناول معاليم الوظائف بغير مباشرة أو مع مخالفة الشروط والحال أن ما نقله السيوطي عن فقهائهم إنما هو فيما بقي لبيت المال ولم يثبت له ناقل ، وأما الأراضي التي باعها السلطان وحكم بصحة بيعها ثم وقفها المشتري فإنه لا بد من مراعاة شرائطه فإن قلت هل في مذهبنا لذلك أصل ؟ قلت : نعم ، 69 - كما بينته في التحفة المرضية في الأراضي المصرية .

                [ ص: 242 ]

                التالي السابق


                [ ص: 242 ] قوله : كما بينته في التحفة المرضية في الأراضي المصرية حيث قال فيها المسألة الثانية في صحة وقف أراضي مصر اعلم أن الواقف لها لا يخلو إما أن يكون مالكا لها في الأصل بأن يكون من أهلها حين من الإمام على أهلها أو تلقى الملك من مالكها بوجه من الوجوه أو غيرها ، فإن كان الأول فلا خفاء في صحة وقفه لوجود [ ص: 243 ] ملكه كما صرح به الخصاف وغيره ، وإن كان الواقف غيرهما فلا يخلو إما أن يكون وصلت إلى يده بإقطاع السلطان إياها له أو بشراء من بيت المال بعد ما صارت لبيت المال لموت مالكها وعدم الوارث أو يكون الواقف لها سلطان من بيت المال من غير أن يكون ملكه فإن كان الأول ففيه تفصيل : فإن كانت مواتا أو ملكا للسلطان صح وقفها وإن كانت من حق بيت المال لا يصح كذا في الإسعاف والجمع بين وقفي هلال والخصاف للقاضي الناصحي

                وصرح الشيخ قاسم في فتاويه بأن من أقطعه السلطان أرضا من بيت المال ملك المنفعة المعدة لها العين فله إجارتها وتبطل بموته أو بإخراجه من الإقطاع ; لأن السلطان له أن يخرجه منها ( انتهى ) .

                وإن وصلت الأرض إلى الواقف بالشراء من بيت المال على الوجه الذي ذكرنا فإن وقفه صحيح ; لأنه مالك لها أو تراعى شروط وقفه سواء كان سلطانا أو أميرا أو غيرهما وما ذكره السيوطي في الينبوع من أنه لا يراعى شروطه إن كان سلطانا أو أميرا وأنه يستحق ريعه من يستحق من بيت المال من غير مباشرة للوظائف فمحمول على ما إذا وصلت للواقف بإقطاع السلطان إياه من بيت المال كما لا يخفى إلا أن يكون بناه على أصل في مذهبه فلا كلام لنا فيه وإن كان الواقف لها السلطان فأفتى الشيخ قاسم بأن الوقف صحيح أجاب به حين سئل عن وقف السلطان جقمق فإنه أرصد أرضا من بيت المال على مصالح مساجد وأفتى بأن السلطان الآخر لا يملك إبطاله وذلك بعد أن كان برقوق قبله أرصدها على رجل وأولاده ثم بعدهم على مصالح ذلك المسجد ، وقال إن الإرصاد من السلطان برقوق المتقدم ليس صريحا في الوقفية فتضمن كلامه فيه حكم وقف السلطان من بيت المال وإرصاده لذلك وذكر في الفتح أنه يجب على السلطان وقف مسجد من بيت المال ( انتهى ) .




                الخدمات العلمية