الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                9 - فلا يصح تأجيل الأعيان ; لأن الأجل شرع رفقا للتحصيل والعين حاصلة .

                ( فوائد ) : الأولى : ليس في الشرع دين لا يكون إلا حالا إلا : رأس مال السلم ، وبدل الصرف والقرض والثمن بعد الإقالة ، ودين الميت وما أخذ به الشفيع العقار ، كما كتبناه في شرح الكنز عند قوله : وصح تأجيل كل دين إلا القرض . [ ص: 11 ] وليس فيه دين لا يكون إلا مؤجلا إلا الدية والمسلم فيه . وأما بدل الكتابة فيصح عندنا حالا ومؤجلا .

                الثانية : ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض ; ولهذا لو كان لها دين بسبب واحد فقبض أحدهما نصيبه فإن لشريكه أن يشاركه .

                10 - ويصح تفريقه على أن ما في الذمة لا تصح قسمته .

                الثالث : 11 - الأجل لا يحل قبل وقته إلا بموت المديون ولو حكما باللحاق مرتدا بدار الحرب [ ص: 12 ] ولا يحل بموت الدائن . وأما الحربي إذا استرق وله دين مؤجل ; فنقول بسقوط الدين مطلقا لا بسقوط الأجل فقط ، كما قال الشافعي رحمه الله .

                وأما الجنون فظاهر كلامهم أنه لا يوجب الحلول لإمكان التحصيل بوليه .

                الرابعة : الحال يقبل التأجيل إلا ما قدمناه

                التالي السابق


                ( 9 ) قوله : فلا يصح تأجيل الأعيان إلى آخره . في القنية في باب حبس المبيع بالثمن : اشترى شيئا بألف من الحنطة نقدا ثم أجل البائع شهرين فله المطالبة للحال إن كانت الحنطة معينة ; لأن الأجل في الأعيان باطل وإن لم تكن معينة فلا ولو أجل المشتري الشفيع في الثمن فالتأجيل باطل . [ ص: 11 ] قوله : ويصح تفريقه على أن ما في الذمة لا تصح قسمته . أقول الحيلة في صحة قسمته بحيث لا يشاركه في نصيبه شريكه أن يبيع من المطلوب كفا من زبيب بمائة درهم ويسلم إليه الزبيب ثم يبرئه من نصف دينه القديم ويطالبه بثمن الزبيب فلا يكون لشريكه فيه شيء .

                كذا في نوازل أبي الليث ، وفي جامع الفصولين : عليه دين لشريكين فوهب أحدهما نصيبه من المديون صح ولو وهب نصف الدين مطلقا نفذ في الربع ولو توقف في الربع كما لو وهب نصف قن مشترك ( انتهى ) .

                قال بعض الفضلاء : قد علم بذلك أن إبراء أحد الشريكين يوجب البراءة عن حصته من الدين على ما ذكر في النوازل وبصيغة يبرئه من نصفه في كتاب الصلح من البزازية وإذا وهب النصف نفذ في الربع وتوقف في الربع على إجازة شريكه كما نقله في جامع الفصولين وقدم المصنف في كتاب المداينات أن هبة الدين كالإبراء منه إلا في مسائل ولم يذكر منها هذه المسألة فمقتضاه عدم الفرق بينهما وهو الظاهر ; لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بالقبض فهبة النصف منه والإبراء عن النصف مطلقا سواء في ذلك ، تأمل . ( 11 ) قوله : الأجل لا يحل قبل وقته إلا بموت المديون . أقول يعني حقيقة أو حكما ليشمل الوكيل بالشراء إذا اشترى بالنسيئة فمات الوكيل حل عليه الثمن ويبقى الأجل في حق الموكل كما في الخانية من فصل الوكالة بالخصومة .

                بقي أن يقال : لو قتل الدائن المديون هل يحل بموته أو لا يحل ; لأنه استعجل الشيء قبل أوانه فيعاقب بحرمانه وقد صرح الشافعية بأن الأصح أنه يحل ( انتهى ) . قلت : وقواعدنا لا تأباه فتأمل ثم اعلم [ ص: 12 ] أن الحصر المذكور في كلام المصنف إضافي لا حقيقي فلا يرد ما في شروط الخصاف عليه مال مؤجل فقال : جعلته حالا أو قال : أبطلت الأجل أو قال : تركت هذا الأجل فهذا كله يبطل الأجل ويصير المال حالا ، ولو قال لا حاجة لي في الأجل أو برئت من الأجل فالمال مؤجل على حاله كذا في القنية . وفيها قضاه قبل أجله برئ وليس للطالب أن يأبى القبول وفي الخانية في كتاب الصلح : من عليه الدين المؤجل إذا صالح صاحب دينه على أن يجعله حالا إن لم يكن ذلك بعوض جاز ; لأن الأجل حقه فيملك إسقاطه ولو قال : أبطلت الأجل في هذا الدين فهو بمنزلة جعلته حالا .

                ( 12 ) قوله : ولا يحل بموت الدائن . أقول لم يستثن المصنف عن ذلك شيئا واستثنى الشافعية مسألة واحدة على وجه وهي ما لو خالع زوجته على طعام في ذمته ووصفها بصفات السلم وأذنها أن تدفع إلى ولده منها أو خالعها على الإرضاع مدة معينة ثم مات المخالع المذكور فإن فيه وجهين بحلول ذلك بموته ; لأن الخلع على ما ذكر إنما كان من أجل الصغير وقد سقط حقه عن أبيه فيسقط الأجل حينئذ . ذكر ذلك الزركشي في قواعده




                الخدمات العلمية