الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 102 ] ما افترق فيه المرتد والكافر الأصلي

                1 - لا يقر المرتد ولو بجزية ، ولا يصح نكاحه ولا تحل ذبيحته ، ويهدر دمه .

                2 - ويوقف ملكه وتصرفاته ، ولا يسبي ولا يفادي ولا يمن عليه ولا يرث .

                3 - ولا يورث ، [ ص: 103 ] ولا يدفن في مقابر أهل ملة ، ولا يتبعه ولده فيها .

                [ ص: 102 ]

                التالي السابق


                [ ص: 102 ] قوله : لا يقر المرتد ولو بجزية إلخ . قال في الولوالجية : وإذا طلب المرتدون أن يجعلوا ذمة للمسلمين لم يفعل ذلك ; لأن الكفر من المرتد أغلظ من كفر مشركي العرب . ولم يقل من مشركي العرب الذمة . فكذا هنا فإن طلبوا الموادعة لينظروا في أمرهم فلا بأس به إن كان خيرا للمسلمين ولم يكن للمسلمين بهم طاقة ، فإن كانوا يطيقونهم والحرب خير لهم من الموادعة يأخذونهم كما في أهل الحرب .

                ( 2 ) قوله : ويوقف ملكه وتصرفاته إلخ . في الولوالجية : تصرفات المرتد على أربعة أوجه نافذ بالاتفاق كقبول الهبة والاستيلاد وتسليم الشفعة والطلاق والحجر على عبده المأذون وباطل بالاتفاق كالنكاح والذبائح والإرث وموقوف بالاتفاق كالمعارضة مع المسلم وما اختلفوا في توقفه كالبيع والشراء والعتق والتدبير والكتابة والوصية وقبض الدين عند الإمام . هذه التصرفات موقوفة إن أسلم نفذ وإن قتل أو مات على الردة أو قضى القاضي بلحاقه بدار الحرب بطل وعندهما ينفذ إلا أن عند أبي يوسف ينفذ كما ينفذ من الصحيح حتى تعتبر تبرعاته من جميع المال . وعند محمد تنفذ كما تنفذ من المريض حتى تعتبر من الثلث ( انتهى ) . ومنه يعلم ما في كلام المصنف من الخلل .

                ( 3 ) قوله : ولا يورث إلخ . أقول : فيه نظر لما في الكنز وإن مات أي : المرتد أو قتل على ردته ورث كسب إسلامه وارثه المسلم بعد قضاء دين إسلامه وكسب ردته فيء بعد قضاء دين ردته ( انتهى ) . وفي الولوالجية : وإذا ارتد المسلم عن الإسلام [ ص: 103 ] والعياذ بالله تعالى عرض عليه الإسلام فإن أسلم وإلا قتل لقوله عليه السلام { من بدل دينه فاقتلوه وإن طلب التأجيل أجل لثلاثة أيام } ; لأن هذه المدة شرعت لإبلاء الإعذار ، والعذر قدر شرعا بثلاثة أيام ، فإن أسلم سقط عنه القتل وإن أبى أن يسلم قتل وقسم ماله بين ورثته على فرائض الله تعالى .

                وكذا إذا مات على الردة هذا في كسب اكتسبه في حال الإسلام فأما ما اكتسبه في حال الردة فقال الإمام رضي الله تعالى عنه : يصير فيئا ويوضع في بيت المال . وقال : لا يصير ميراثا بين ورثته ; لأن المرتد في الأحكام مسلم من وجه حتى لا يغنم ماله ولا يسترق كافر ، من وجه حتى حل قتله وحرم ذبيحته .

                ويحرم التزوج بالمرتد فكان بين المسلم والكافر في حق الأحكام فعملنا بهما في الحالين فقلنا بتوريث كسب الإسلام عملا بكونه مسلما وبعدم توريث كسب الردة عملا بكونه كافرا . والصحيح أنه يرثه من كان وارثا له عند قتله أو موته سواء كان موجودا عند الردة أو حدث بعد ذلك وهذا إذا قتل أو مات على الردة والعياذ بالله تعالى ، فأما الحربي في دار الحرب كالميت في حق المسلمين . ثم عند أبي يوسف يرثه في هذا الفصل من كان وارثا له وقت قضاء القاضي بلحاقه حتى لو ولد له ولد بعد ذلك لا يكون وارثا . وعند محمد يرثه من كان وارثا له عند لحاقه بدار الحرب وترث منه امرأته ما دامت في العدة .

                ( 4 ) قوله : ولا يدفن في مقابر أهل ملة إلخ . قال في الولوالجية : المرتد إذا قتل على ردته لا يدفع إلى من انتقل إلى دينهم كالنصراني واليهودي ليدفنوه في مقابرهم لكن يحفر له حفرة فيلقى فيها كالكلب ( انتهى ) .




                الخدمات العلمية