الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            10 - باب من تجوز شهادته

                                                            ومن لا تجوز من الأحرار البالغين العاقلين المسلمين .

                                                            4243 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا الوليد الفقيه . يقول : سمعت أبا العباس بن سريج يقول : وسئل عن صفة العدالة ، قال : يكون حرا مسلما بالغا عاقلا غير مرتكب لكبيرة ولا مصر على صغيرة ، ولا يكون تاركا للمروءة في غالب العادة " .

                                                            قال الشيخ : وهذا تلخيص ما قاله الشافعي مبسوطا فيمن تقبل شهادته .

                                                            4244 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، [ ص: 170 ] [ ص: 171 ] أخبرنا الحسن بن مكرم ، أخبرنا أبو النضر ، أخبرنا محمد بن راشد ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن والخائنة ، وذي الغمر على أخيه ، ورد شهادة القانع لأهل البيت يعني التابع وأجازها على غيرهم " .

                                                            4245 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو عبد الرحمن السلمي قالا : وأخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ ، أخبرنا محمد بن المعافي الصيداوي بصيدا ، أخبرنا يحيى بن عثمان الحضرمي ، أخبرنا زيد بن يحيى بن عبيد ، أخبرنا سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                            " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا زان ولا زانية ، ولا ذي غمر على أخيه في الإسلام " .

                                                            [ ص: 172 ]

                                                            4246 - وروينا في المراسيل عن عبد الرحمن الأعرج ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجوز شهادة ذي الظنة والجنة والحنة .

                                                            4247 - عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مناديا : " أنه لا يجوز شهادة خصم ولا ظنين " .

                                                            4248 - وفي حديث مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ( مرفوعا ) : " لا تجوز شهادة ذي الحنة والظنة " وفي رواية أخرى " وذي الجنة " .

                                                            4249 - وروينا عن الزهري أنه قال : " مضت السنة ألا تجوز شهادة خصم ، ولا ظنين ، ولا شهادة خصم لمن يخاصم .

                                                            4250 - وروينا عن معمر بن راشد ، عن موسى بن شيبة " أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل شهادة رجل في كذبة كذبها " وهذا وإن كان مرسلا فإن الأخبار الموصولة في ذم الكذب تشهد له .

                                                            4251 - قال الشافعي رضي الله عنه : لا تجوز شهادة الوالد لولده لأنه منه ، وكأنه شهد لبعضه ، ولأنه من آبائه فإنه يشهد لشيء هو منه .

                                                            4252 - قلت : يؤكد تعليله قول النبي صلى الله عليه وسلم : " فاطمة بضعة مني ، من آذاها فقد آذاني " .

                                                            4253 - وروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما كتب إلى أبي موسى [ ص: 173 ] المسلمون عدول بعضهم على بعض ، إلا مجلود في حد ، أو مجرب عليه شهادة الزور ، أو ظنين في ولاء أو قرابة .

                                                            قال أبو عبيد رحمه الله : الظنين في الولاء والقرابة : الذي يتهم بالدعاوة إلى غير أبيه ، أو المتولي غير مواليه ، وقد يكون أن يتهم في شهادته لقريبه كالوالد للولد والولد للوالد .

                                                            قال الشيخ : وأما شهادة الأخ لأخيه ، فقد روينا عن ابن الزبير - رضي الله عنهم - أنه أجزها وهو قول شريح ، وعمر بن عبد العزيز ، والشعبي ، والنخعي ، رحمهم الله .

                                                            وأما شهادة أهل الهوى فقد أجازها الشافعي إلا أن يكون منهم من يعرف باستحلال شهادة الزور على الرجل لأنه يراه حلال الدم أو حلال المال فترد شهادته بالزور ، أو يكون منهم من يستحل الشهادة للرجل إذا وثق به ، فيحلف له على حقه ويشهد له بالبت ، ولم يحضره ولم يسمعه ، فترد شهادته من قبل استحلاله الشهادة بالزور ، أو يكون منهم من يباين الرجل المخالف له مباينة العداوة له فترد شهادته من جهة العداوة .

                                                            قال الشيخ : قد روينا الحديث في عدم جواز شهادة ذي غمر على أخيه ، وحديثا في شهادة ذي الظنة وشهادة ذي الحنة ، وأما من تناول حراما أو شرب مسكرا .

                                                            4254 - فقد روينا عن أبي موسى الأشعري أنه جلد إنسانا في شرب الخمر وسود وجهه وطاف به في الناس وقال لا تجالسوه ، فكتب إليه عمر أن مر الناس أن يجالسوه ويؤاكلوه ، وإن تاب فاقبلوا شهادته

                                                            وأما اللعب بالنرد ، فإنه غير جائز ، لما .

                                                            [ ص: 174 ]

                                                            4255 - أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن محمد الروذباري ، وأبو الحسين بن بشران قالا : أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا سعدان بن نصر ، أخبرنا إسحاق بن يوسف أخبرنا سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لعب بالنردشير كمن غمس يده في لحم الخنزير ودمه " .

                                                            4256 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو محمد بن أبي حامد المقرئ ، قالا : أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الحسن بن علي بن عفان ، أخبرنا محمد بن عبيد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن سعيد بن أبي هند ، عن أبي موسى الأشعري قال . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " وكذلك رواه يحيى القطان ، عن عبيد الله .

                                                            ورفعه أيوب عن نافع

                                                            وقد رواه موسى بن ميسرة ويزيد بن المعاد وأسامة بن زيد ، عن سعيد بن أبي هند مرفوعا .

                                                            وروينا فيه ، عن عثمان بن عفان ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمرو .

                                                            وأما الشطرنج .

                                                            4257 - فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي ، أنه مر على قوم يلعبون بالشطرنج فقال : )ما هذه [ ص: 175 ] التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) ، لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها .

                                                            4258 - وعن علي : صاحب الشطرنج أكذب الناس ، يقول أحدكم قتلت وما قتل .

                                                            4259 - وكان مالك بن أنس يقول : الشطرنج من النرد .

                                                            4260 - وبلغنا عن ابن عباس أنه قال : من ولي مال يتيم فأحرقها .

                                                            4261 - وروينا عن أبي موسى أنه قال : لا يلعب بالشطرنج إلا خاطئ .

                                                            وروينا في كراهية اللعب به عن ابن عمر ، وأبي سعيد الخدري ، وعائشة .

                                                            وكرهه جماعة من التابعين ، ورخص فيه فيما بلغنا سعيد بن جبير ، والشعبي ، والحسن .

                                                            ولوقوع الاختلاف فيه قبل الشافعي شهادة اللاعب به إذا كان لم يغفل به عن الصلاة فيكثر وأما الكراهية فقد نص عليها .

                                                            4262 - وأما اللعب بالحمام فقد روينا عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتبع حمامة قال : " شيطان يتبع شيطانة " .

                                                            4263 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال : أخبرنا أبو بكر بن داسة ، أخبرنا أبو داود ، أخبرنا موسى بن إسماعيل ، أخبرنا حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة فذكره .

                                                            4264 - قال الشيخ : والقول الأول في اللاعب به وبما لم يرد تحريمه نصا ، كالقول [ ص: 176 ] في اللاعب بالشطرنج . وأما الضرب بالعود والطبل وغير ذلك من المعازف .

                                                            4265 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو بكر بن عبد الله ، أخبرنا الحسن بن سفيان ، أخبرنا هشام بن عمار ، أخبرنا صدقة بن خالد ، أخبرنا ابن جابر ، عن عطية بن قيس الكلابي ، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري ، حدثني أبو عامر أو أبو مالك : والله ما كذبني أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم تروح عليهم سارحة لهم ، فيأتيهم رجل لحاجته ، فيقولون : ارجع إلينا غدا ، فيبيتهم الله ، فيضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة .

                                                            4266 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا حمزة بن محمد بن عباس ، أخبرنا إبراهيم بن دنوقا ، أخبرنا زكريا بن أبي عدي ، أخبرنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم ، عن قيس بن حبتر ، قال ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل حرم عليكم الخمر ، والميسر والكوبة " وقال : " كل مسكر حرام " .

                                                            4267 - ورواه أيضا علي بن بذيمة ، عن قيس بن حبتر فروي أيضا عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه من الزيادة .

                                                            4268 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، حدثني أبي ، أخبرنا يحيى بن إسحاق السالحيني ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن بكر بن سوادة ، عن قيس بن سعد بن عبادة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربي حرم علي الخمر ، والميسر والقنين والكوبة " قال أبو زكريا القنين العود .

                                                            4269 - وروينا عن ابن عمر ، أنه قال : الميسر : القمار .

                                                            4270 - وروينا عن القاسم بن محمد ، أنه قال : كل ما لهى عن ذكر الله ، وعن الصلاة فهو ميسر .

                                                            4271 - وقال أبو عبيد الهروي : قال ابن الأعرابي : القنين : الطنبور بالحبشية [ ص: 177 ] والكوبة : النرد ، ويقال : الطبل ، وقيل : الربط . وقال أبو سليمان الخطابي عقيب قول من زعم أن الكوبة هي الطبل ، ويقال : بل معنى النرد ، ويدخل في معناه كل وتر هز وغير ذلك من الملاهي .

                                                            4272 - قال الشيخ : وروينا عن ابن عمر ، أنه سمع مزمارا فوضع أصبعيه على أذنيه ، ونأى عن الطريق ، وقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا ، فصنع مثل هذا .

                                                            4273 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، أخبرنا أبو مسهر ، أخبرنا سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، عن نافع ، قال : كنت أسير مع ابن عمر فسمع زمر رعاء فترك الطريق ، وجعل يقول : هل تسمع هل تسمع هل تسمع ، قلت : لا ، ثم عارض الطريق ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل .

                                                            ورواه الوليد بن مسلم عن سعيد فذكر فيه : فوضع أصبعيه على أذنيه .

                                                            4274 - قال الشيخ رحمه الله : وروينا عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال : الدف حرام ، والكوبة حرام ، والمزمار حرام .

                                                            4275 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو منصور النضروي ، أخبرنا أحمد بن نجدة أخبرنا سعيد بن منصور ، أخبرنا أبو عوانة ، عن عبد الكريم الجزري ، عن أبي هاشم الكوفي ، عن ابن عباس فذكره . وقد روينا الرخصة في الدف في العرس وأما الغناء .

                                                            4276 - بغير عود فقد قال الشافعي رضي الله عنه في الرجل يغني فيتخذ الغناء صناعته يؤتى عليه ويأتي له ويكون منسوبا إليه ، مشهورا به ، معروفا ، أو المرأة : فلا تجوز شهادة واحد منهما ، وذلك أنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل ، وأن من صنع هذا كان منسوبا إلى السفه وسقاطة المروءة ، ومن رضي هذا لنفسه كان [ ص: 178 ] مستخفا ، وإن لم يكن محرما بين التحريم .

                                                            4277 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا بكار بن قتيبة القاضي ، أخبرنا صفوان بن عيسى القاضي ، أخبرنا حميد الخراط ، عن عمار الدهني ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي الصهباء ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله [لقمان : 6 ] قال : هو والله الغناء .

                                                            4278 - وروينا أيضا عن ابن عباس ، وروينا عن ابن مسعود ، أنه قال : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع .

                                                            وروي ذلك ( مرفوعا )

                                                            4279 - قال الشافعي - رضي الله عنه : ولو كان ممن لا ينسب نفسه إليه ، وكان إنما يعرف بأنه يطرب في الحال فيترسم لذلك ، ولا يؤتى لذلك ، ولا يأتي عليه ، ولا يرضى به ، لم تسقط شهادته وكذلك المرأة .

                                                            4280 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي ، أخبرنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث ، قالت : وليستا بمغنيتين ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه : أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله ! صلى الله عليه وسلم ؟ - وذلك يوم عيد - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر ! إن لكل قوم عيدا ، وهذا عيدنا "

                                                            [ ص: 179 ]

                                                            4281 - وفي رواية الزهري ، عن عائشة في هذا الحديث : " جاريتان في أيام منى تغنيان وتدففان وتضربان " .

                                                            4282 - قال الشافعي رضي الله عنه : وأما استماع الجد ونشيد الأعراب فلا بأس به كثر أو قل وكذلك استماع الشعر .

                                                            4283 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، قال : أخبرنا يونس بن حبيب ، أخبرنا أبو داود ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس رضي الله عنه قال : كان أبجشة يحدو بالنساء ، وكان البراء بن مالك يحدو بالرحال ، وكان أنجشة حسن الصوت ، كان إذا حدا أعنقت الإبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويحك يا أبجشة ، رويدك سوقا بالقوارير " .

                                                            4284 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أخبرنا أبو الأزهر السليطي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري عن أنس قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وابن رواحة آخذ بغرزة وهو يقول :


                                                            خلوا بني الكفار عن سبيله اليوم نضربكم على تنزيله     ضربا يزيل الهام عن مقيله
                                                            ويذهل الخليل عن خليله     يا رب إني مؤمن بقيله

                                                            .


                                                            [ ص: 180 ]

                                                            4285 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا يحيى بن أبي طالب ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الثقفي ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه ، قال : أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم مائة قافية من قول " أمية بن أبي الصلت " كل ذلك يقول : " هيه هيه " ثم قال : " إن كان في شعره ليسلم " .

                                                            4286 - قال الشافعي رضي الله عنه : فإذا كان هذا هكذا بالشعر كان تحسين الصوت بذكر الله ، والقرآن أولى أن يكون محبوبا .

                                                            4287 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني ، قال : أخبرني جدي حدثنا إبراهيم بن حمزة ، أخبرنا ابن أبي حازم ، عن يزيد بن المعاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به " .

                                                            4288 - ورواه الزهري عن أبي سلمة فقال في الحديث " ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن " وفي رواية أخرى " كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن " .

                                                            4289 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرني عبد الباقي بن قانع الحافظ ، أخبرنا محمد بن يحيى بن المنذر ، قال : أخبرنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، فذكره [ ص: 181 ] - قال الشافعي - رحمه الله - في هذا ما روي عن عبد الجبار بن وردان قال : عقيب هذا الحديث : قلت لابن أبي مليكة : يا أبا محمد ! أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت - قال : يحسن ما استطاع .

                                                            4290 - وفي حديث فضالة عن عبيد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لله أشد أذنا إلى حسن الصوت بالقرآن " .

                                                            وفي رواية أخرى : " أشد آذانا إلى حسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته "

                                                            4291 - قال الشافعي : وإنه سمع عبد الله بن قيس أبا موسى يقرأ ، فقال : " لقد أوتي هذا من مزامير آل داود عليه السلام " .

                                                            4292 - وأما شهادة الشعراء ، فقد قال الشافعي - رضي الله عنه الشعر كلام حسن ، حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام ، غير أنه كلام باق سائر ، فذلك فضله على الكلام ، فمن كان من الشعراء لا يعرف بنقص المسلمين وأذاهم والإكثار من ذلك ، ولا بأن يمدح فيكثر الكذب لم ترد شهادته .

                                                            [ ص: 182 ]

                                                            4293 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ ، أخبرنا إبراهيم بن الحسين ، أخبرنا أبو اليمان ، أخبرني شعيب ، عن الزهري ، أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أن مروان بن الحكم أخبره ، أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أخبره ، أن أبي بن كعب الأنصاري رضي الله عنه أخبره ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن من الشعر لحكمة " .

                                                            4294 - وفي حديث هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الشعر كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه " وهذا مرسل وروي موصولا بذكر عائشة ، ووصله ضعيف .

                                                            4295 - وفي الحديث الثابت عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان : " اهجهم - يعني المشركين - وجبريل معك " .

                                                            4296 - وفي رواية أبي هريرة : " اللهم أيده بروح القدس " .

                                                            4297 - وفي حديث كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن المؤمن يجاهد [ ص: 183 ] بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده لكأنما ترمونهم به نضح النبل " . وهذا في هجاء المشركين ، فأما هجاء المسلمين .

                                                            4298 - فأخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، أخبرنا يعقوب بن سفيان ، أخبرنا أبو اليمان ، أخبرني شعيب بن أبي حمزة ، عن عبد الله بن أبي حسين ، حدثني نوفل بن مساحق ، عن سعيد بن زيد رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق " .

                                                            4299 - ورواه محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ( مرسلا ) ، وزاد فيه : " الشتم بالهجاء والرواية أحد الشاتمين " .

                                                            4300 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو جعفر الرزاز ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن دنوق ، أخبرنا محمد بن سابق ، أخبرنا إسرائيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء وأما الحديث [ ص: 184 ] الذي أخبرنا زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة .

                                                            4301 - أخبرنا أبو بكر محمد بن عمرو ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله ، أخبرنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا يريه خير من أن يمتلئ شعرا " .

                                                            4302 - فقد قال أبو عبيد رحمه الله : وجهه عندي أن يمتلئ قلبه حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله عز وجل ، فيكون الغالب عليه من أي الشعر كان .

                                                            4303 - قال الشافعي في شهادة أهل العصبية : من أظهر العصبية بالكلام ، وتألف عليها ، ودعا إليها ، فهو مردود الشهادة ، لأنه أتى محرما ، لا اختلاف فيه بين علماء المسلمين - رضي الله عنهم - فيما علمته ، واحتج بقول الله عز وجل إنما المؤمنون إخوة [الحجرات : 10 ] .

                                                            4304 - وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكونوا عباد الله إخوانا " .

                                                            4305 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال " .

                                                            ورواه مالك رحمه الله عن ابن شهاب وقال " لا تباغضوا " بدل قوله : " ولا تقاطعوا " .

                                                            [ ص: 185 ]

                                                            4306 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي ، أخبرنا عثمان بن سعيد ، أخبرنا القعنبي فيما قرأ على مالك ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تباغضوا " فذكره .

                                                            4307 - وبهذا الإسناد فيما قرأ على مالك ، عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا " .

                                                            4308 - وفي الحديث الثابت عن أبي هريرة ، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره " من قتل تحت راية عمية يغضب لعصبيته وينصر عصبية ويدعو إلى عصبية فقتل فقتلة جاهلية " .

                                                            4309 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، أخبرنا أبو داود ، أخبرنا محمود بن خالد الدمشقي ، أخبرنا الفريابي ، أخبرنا سلمة بن بشر الدمشقي ، عن ابنة واثلة بن الأسقع ، أنها سمعت أباها : يقول : قلت : يا رسول الله ! ما العصبية ؟ قال صلى الله عليه وسلم " أن تعين قومك على الظلم " .

                                                            4310 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه ، أخبرنا محمد بن سليمان بن الحارث ، أخبرنا محمد بن عبد الله ، [ ص: 186 ] أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! أمن العصبية أن يعين الرجل قومه على الحق ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " لا " .

                                                            4311 - قال الشافعي : والمزاح لا ترد به الشهادة ما لم يخرج في المزاح إلى عضة النسب ، أو عضة بحد أو فاحشة .

                                                            4312 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، أخبرنا عبيد بن شريك ، أخبرنا يحيى بن بكير ، أخبرنا الليث ، عن ابن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا أقول إلا حقا " .

                                                            4313 - ورواه أسامة بن زيد ، عن سعيد المقبري وقال : " إنك تداعبنا " .

                                                            4314 - وفي حديث عبادة بن الصامت فيما أخذ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويعضه بعضنا لبعض " .

                                                            4315 - قال الشافعي - رضي الله عنه : وتجوز شهادة ولد الزنا .

                                                            قال الشيخ : وهو قول عطاء ، والحسن ، والشعبي رضي الله عنهم ، وحكاه أبو الزناد عن أصحابه الذين ينتهي إلى أقوالهم من أهل المدينة .

                                                            4316 - وروينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال " ولد الزنا شر الثلاثة إن أبويه أسلما ولم يسلم هو " .

                                                            4317 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، [ ص: 187 ] أخبرنا عبيد بن شريك ، أخبرنا ابن أبي مريم ، أخبرنا نافع بن يزيد عن ابن الهاد ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية .

                                                            فيحتمل أنه قال ذلك لما في أهل البدو من الجهالة بأحكام الشريعة ، وقلة ضبطهم الشهادة على وجهها ، وإقامتها على حقها لقصور علمهم عما يحيلها ، والله أعلم .

                                                            وأما شهادة المختبئ ، فقد ردها شريح ، وأجازها عمرو بن حريث وقال : كذلك يفعل بالخائن والفاجر ، واختار الشافعي رضي الله عنه قول من يجيزها ، لأن عمر رضي الله عنه أجاز شهادة الذين رصدوا رجلا بزنا ولكن لم يتموا أربعة .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية