الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله مفصلا ، والنفي مجملا ، عكس طريقة أهل الكلام المذموم : فإنهم يأتون بالنفي المفصل والإثبات المجمل ، يقولون : ليس بجسم ، ولا شبح ، ولا جثة ، ولا صورة ، ولا لحم ، ولا دم ، ولا شخص ، ولا جوهر ، ولا عرض ، ولا بذي لون ، ولا رائحة ، ولا طعم ، ولا مجسة ، ولا بذي حرارة ، ولا برودة ، ولا رطوبة ، ولا يبوسة ، ولا طول ، ولا عرض ، ولا عمق ، ولا اجتماع ، ولا افتراق ، ولا يتحرك ، ولا يسكن ، ولا يتبعض ، وليس بذي أبعاض وأجزاء وجوارح وأعضاء ، وليس بذي جهات ، ولا بذي [ ص: 70 ] يمين ولا شمال وأمام وخلف وفوق وتحت ، ولا يحيط به مكان ولا يجري عليه زمان ولا يجوز عليه المماسة ولا العزلة ولا الحلول في الأماكن ، ولا يوصف بشيء من صفات الخلق الدالة على حدوثهم ، ولا يوصف بأنه متناه ، ولا يوصف بمساحة ، ولا ذهاب في الجهات ، وليس بمحدود ، ولا والد ولا مولود ، ولا تحيط به الأقدار ولا تحجبه الأستار إلى آخر ما نقله أبو الحسن الأشعري رحمه الله عن المعتزلة .

وفي هذه الجملة حق وباطل . ويظهر ذلك لمن يعرف الكتاب والسنة . وهذا النفي المجرد مع كونه لا مدح فيه ، فيه إساءة أدب ، فإنك لو قلت للسلطان : أنت لست بزبال ولا كساح ولا حجام ولا حائك ! لأدبك على هذا الوصف وإن كنت صادقا ، وإنما تكون مادحا إذا أجملت النفي فقلت : أنت لست مثل أحد من رعيتك ، أنت أعلى منهم وأشرف وأجل . فإذا أجملت في النفي أجملت في الأدب .

التالي السابق


الخدمات العلمية