الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فوائد )

( إحداها ) تقدم أن عمران بيت المقدس خراب يثرب . رواه أبو داود من حديث معاذ مرفوعا .

وروى الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم ، قال " سيبلغ البناء سلعا ثم يأتي على المدينة زمان يمر السفر على بعض أقطارها فيقول قد كانت هذه مرة عامرة من طول الزمان وعفو الأثر " .

وأخرج الإمام أحمد نحوه بإسناد حسن . وفي الصحيحين " لتتركن المدينة على خير ما كانت مذللة ثمارها لا يغشاها إلا العوافي الطير والسباع " الحديث ، وسبب خرابها والله أعلم أن خيار أهلها يخرجون مع المهدي إلى الجهاد ثم ترجف بعد ذلك بمنافقيها وترميهم إلى الدجال ولم يبق إلا المؤمنون المخلصون فيهاجرون إلى بيت المقدس عند إمامهم وقد ورد " ستكون هجرة وخيار الناس يومئذ ألزمهم مهاجر إبراهيم " .

ومن بقي منهم تقبض روحه الريح الطيبة . وقد روى المرجاني في أخبار المدينة عن جابر مرفوعا " ليعودن هذا الأمر إلى المدينة كما بدأ منها حتى لا يكون إيمان إلا بها " .

وأخرج النسائي من حديث أبي هريرة مرفوعا " آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة " . ورواه [ ص: 126 ] الترمذي بنحوه وقال حسن غريب . ورواه ابن حبان بلفظ " آخر قرية في الإسلام خرابا المدينة " وصح " إن الدين ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها " فظاهر هذه الأخبار التعارض ووجه الجمع أن الفتن تعم الدنيا كلها كما مر في خروج المهدي ويبقى أهل المدينة مع المهدي فيأرز الدين أي ينحسر ويدخل إلى المدينة حينئذ لأنهم المؤمنون الكاملون التابعون للخليفة الحق ثم إنها تنفي خبثها زمن الدجال ويبقى فيها الإيمان الخالص بخلاف غيرها من بيت المقدس وغيرها من البلدان فيبقى فيهم أهل ذمة ومنافقون لأنهم إنما يؤمنون بعد نزول عيسى عليه السلام ، وكذلك مكة تقذف بمنافقيها إلى الدجال أيضا .

وقد قيل إن الريح الطيبة تأتي من الشام فيكون أهل الشام يقبضون قبل أن تصل المدينة أو من اليمن فكذلك أو من كليهما كما جمع به والأمر ظاهر فيصدق أنه آخر من يقبض من المؤمنين أهل المدينة وهذا محط حديث أبي هريرة فبمجرد موتهم تخرب المدينة لأنه ليس فيها سوى المؤمنين بخلاف غيرها فإنها تبقى عامرة بشرار الناس كما أشار إليه في الإشاعة وهو حسن ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية