الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيهات

الأول : ما يجري صفة أو خبرا على الرب - تبارك وتعالى - أقسام :

( أحدها ) : ما يرجع إلى نفس الذات ، كقولك ذات ، وموجود ، وشيء .

( الثاني ) : ما يرجع إلى صفات معنوية ، كالعليم والقدير ، والسميع والبصير .

( الثالث ) : ما يرجع إلى أفعاله ، كالخالق والرازق .

( الرابع ) : ما يرجع إلى التنزيه المحض ، ولا بد من تضمنه ثبوتا ، إذ لا كمال في العدم المحض ، كالقدوس السلام .

( الخامس ) : ما دل على جملة أوصاف عديدة ، لا تختص بصفة معينة ، بل هو دال على معان ، نحو المجيد العظيم الصمد ، فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال ، ولفظه يدل على هذا ، فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة ، ومنه قولهم : في كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار ، وأمجد الناقة علفا ، ومنه ( ذو العرش المجيد ) لسعة العرش وعظمته . والعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال ، وكذلك الصمد .

( السادس ) : صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر ، وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد ، العفو القدير ، الحميد المجيد ، ونحو ذلك ، فإن الغنى من صفات الكمال ، والحمد كذلك ، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر ، فله ثناء من غناه ، وثناء من حمده ، وثناء من اجتماعهما ، وكذلك نظائرهما .

[ ص: 124 ] وأما صفات السلب المحض ، فلا تدخل في أوصافه - تعالى - إلا أن تكون متضمنة لثبوت ، كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية ، والسلام المتضمن لسلامته من كل نقص ، وبراءته من كل ما يضاد كماله ، وكذلك الإخبار عنه بالسلوب إنما هو لتضمنها ثبوتا ، كقوله - تعالى : ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) ، فإنه متضمن لكمال حياته وقيوميته ، وكذلك قوله : ( وما مسنا من لغوب ) متضمن لكمال قدرته ، وكذلك قوله : ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ) متضمن لكمال علمه ، ونظائر ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية