الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1572 - ( 8 ) - وأمته معصومة لا تجتمع على الضلالة ، هذا في حديث مشهور له طرق كثيرة ، لا يخلو واحد منها من مقال ، منها لأبي داود عن أبي مالك الأشعري مرفوعا : { إن الله أجاركم من ثلاث خلال : ألا يدعو عليكم نبيكم لتهلكوا جميعا ، وألا يظهر أهل الباطل على أهل الحق ، وألا يجتمعوا على ضلالة }وفي إسناده انقطاع ، وللترمذي والحاكم عن ابن عمر مرفوعا : { لا تجتمع هذه الأمة على ضلال أبدا }. وفيه سليمان بن شعبان المدني وهو ضعيف . وأخرج الحاكم له شواهد .

ويمكن الاستدلال له بحديث معاوية مرفوعا : { لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله }. أخرجه الشيخان . وفي الباب عن سعد وثوبان في مسلم . وعن قرة بن إياس في الترمذي وابن ماجه . [ ص: 296 ] وعن أبي هريرة في ابن ماجه . وعن عمران في أبي داود . وعن زيد بن أرقم عند أحمد .

ووجه الاستدلال منه : أن بوجود هذه الطائفة القائمة بالحق إلى يوم القيامة ، لا يحصل الاجتماع على الضلالة ، وقال ابن أبي شيبة : نا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن المسيب بن رافع ، عن يسير بن عمرو قال : شيعنا أبا مسعود حين خرج ، فنزل في طريق القادسية ، فدخل بستانا فقضى حاجته ، ثم توضأ ومسح على جوربيه ، ثم خرج ، وإن لحيته ليقطر منها الماء فقلنا له : أعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتن ، ولا ندري هل نلقاك أم لا ، قال : " اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر ، أو يستراح من فاجر ، وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة " .

إسناده صحيح ، ومثله لا يقال من قبل الرأي ، وله طريق أخرى عنده عن يزيد بن هارون ، عن التيمي ، عن نعيم بن أبي هند : أن أبا مسعود خرج من الكوفة فقال : " عليك بالجماعة ، فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلال " .

قوله : وصفوفهم كصفوف الأنبياء ، هو في حديث حذيفة المتقدم من عند مسلم ، لكن بلفظ : الملائكة . قوله : وكان لا ينام قلبه ، تقدم قريبا . قوله : { ويرى من وراء ظهره ، كما يرى من قدامه }. هو في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس وغيره ، والأحاديث الواردة في ذلك مقيدة بحالة الصلاة ، [ ص: 297 ] وبذلك يجمع بين هذا وبين قوله : { لا أعلم ما وراء جداري هذا }.

التالي السابق


الخدمات العلمية