الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 418 ] قوله : " روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ فطلقوهن - لقبل عدتهن }. وتكلموا في أنه قراءة أو تفسير . هو في حديث ابن عمر في طلاق امرأته في بعض طرق مسلم من طريق ابن الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر ، كيف ترى في رجل طلق امرأته . . . الحديث .

وفيه هذا ، وأما اختلافهم في أنه قراءة أو تفسير ، فقال الروياني في البحر : لعله قرأ ذلك على وجه التفسير لا على وجه التلاوة ، وقال ابن عبد البر : هي قراءة ابن عمر وابن عباس وغيرهما ، لكنها شاذة ، لكن لصحة إسنادها يحتج بها وتكون مفسرة لمعنى القراءة المتواترة .

1727 - ( 3 ) - حديث : أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " مره فليراجعها " الحديث متفق عليه ، واللفظ للبخاري ، وله عندهما ألفاظ ، منها : عند مسلم { وحسبت لها التطليقة التي طلقتها }. وفي رواية : فقلت : لابن عمر : " وحسبت تلك التطليقة ؟ قال : فمه ، " . وفي رواية لأبي داود من طريق أبي الزبير عن ابن عمر : فردها علي ولم يرها شيئا ، قال أبو داود الأحاديث كلها على خلاف هذا ، [ ص: 419 ] يعني أنها حسبت عليه بتطليقة ، وقد رواه البخاري مصرحا بذلك ، ولمسلم نحوه كما تقدم ، لكن لم ينفرد أبو الزبير فقد رواه عبد الوهاب الثقفي ، عن عبيد الله عن نافع : أن ابن عمر قال ، في الرجل يطلق امرأته وهي حائض : قال ابن عمر : لا يعتد بذلك أخرجه محمد بن عبد السلام الخشني عن بندار عنه ، وإسناده صحيح ، لكن يحمل قوله : لا يعتد بذلك على معنى أنه خالف السنة ، بل على معنى أن الطلقة لا تحسب جمعا بين الروايات القوية ، والله أعلم .

( تنبيه ) :

اسم امرأته آمنة بنت غفار ، قاله ابن باطيش . قلت : وهو كذلك في تكملة الإكمال لابن نقطة ، عزاه لابن سعد من طريق ابن لهيعة ، عن عبد الرحمن الأعرج فذكره مرسلا ، ووقع فيه تصحيف ، ورويناه في حديث قتيبة جمع العيار بهذا السند الذي فيه ابن لهيعة : أنها آمنة بنت عمار ، وفي مسند أحمد من حديث نافع { أن عمر قال : يا رسول الله إن عبد الله طلق امرأته النوار }. ويحتمل أن يكون هذا لقبها ، وذاك اسمها .

قوله : وإذا خالع الحائض لا يحرم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الإذن لثابت بن قيس في الخلع . من غير بحث واستفصال عن حال الزوجة . أما الحديث : فسبق في الخلع وأما استدلاله ففيه نظر ، لأن في رواية الشافعي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس . انتهى .

وبابه الذي يخرج منه إلى المسجد من لازم من يجيء إليه أن يدخل المسجد ، ففي دخولها المسجد دليل على كونها طاهرا غير حائض : قلت : هكذا بحث المخرج تبعا لغيره ، وفيه نظر لا يخفى على ذي فهم ، بل لا يلزم من إطلاق الإذن بالنسبة إلى زمن السنة والبدعة ، عمومه في الحالتين ، وأيضا فإطلاق الإذن في الاختلاع يعارضه إطلاق المنع من طلاق الحائض ، فبينهما عموم وخصوص وجهي فتعارضا .

1728 - ( 4 ) - حديث ابن عمر : { مره فليراجعها }. متفق عليه وقد تقدم .

1729 - ( 5 ) - حديث : { أن عويمر العجلاني لاعن امرأته ، وقال : [ ص: 420 ] كذبت عليها إن أمسكتها هي طالق }. يأتي في اللعان .

1730 - ( 6 ) - قوله : روي في قصة ابن عمر في بعض الروايات : أنه صلى الله عليه وسلم قال : { مره فليراجعها حتى تحيض ، ثم تطهر }. والرواية المشهورة { فليمسكها إلى أن تطهر ، ثم تحيض وتطهر مرة أخرى }.

قلت : الرواية الأولى والثانية في الدارقطني بسند صحيح ، من طريق معتمر ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع عنه ، وأقرب منه رواية النسائي من طريق سالم : { أن ابن عمر قال : طلقت امرأتي وهي حائض ، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ليراجعها ، ثم يمسكها حتى تحيض حيضة وتطهر }. والمشهورة متفق عليها ، والثانية في لفظ لمسلم : { فأمره أن يراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم يمهلها حتى تطهر من حيضها }. وفي مسلم من طريق سالم أيضا ، عن { ابن عمر : طلقت امرأتي وهي حائض ، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فتغيظ فيه ، ثم قال : مره فليراجعها حتى تحيض حيضة مستقبلة ، سوى حيضتها التي طلقها فيها }. ومن طريق عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر بلفظ : { مره فليراجعها حتى تطهر ، ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر ، ثم يطلق بعد أو يمسك }.

وفي هذا ما يقتضي إمكان رد رواية نافع إلى رواية سالم بالتأويل ، فالجمع بين الروايتين أولى ، ولا سيما إذا كان الحديث واحدا والأصل عدم التعدد .

التالي السابق


الخدمات العلمية