الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
309 - ( 26 ) - حديث زياد بن الحارث الصدائي : { أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أؤذن في صلاة الفجر فأذنت فأراد بلال أن يقيم ، فقال : إن أخا صداء ، قد أذن ومن أذن فهو يقيم } أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي ، واللفظ للترمذي ، وساقه أبو داود مطولا ، قال الترمذي : إنما يعرف من حديث الإفريقي ، وقد ضعفه القطان وغيره ، قال : ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره ويقول : هو مقارب الحديث ، قال : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، قوله : وفي القصة المروية ، كان بلال غائبا ، وزياد أذن بإذن النبي صلى الله عليه وسلم ، الطبراني والعقيلي في الضعفاء . وأبو الشيخ في الأذان من حديث سعيد بن راشد عن عطاء عن ابن عمر : { كان النبي صلى الله عليه وسلم في سير له ، فحضرت الصلاة ، فنزل القوم فطلبوا بلالا فلم يجدوه ، فقام رجل فأذن ، ثم جاء بلال ، فقال القوم : إن رجلا قد أذن ، فسكت القوم هويا ، ثم إن بلالا أراد أن [ ص: 375 ] يقيم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : مهلا يا بلال ، فإنما يقيم من أذن } ، والظاهر أن هذا المبهم هو الصدائي ، وسعيد بن راشد هذا ضعيف ، وضعف حديثه هذا أبو حاتم الرازي ، وابن حبان في الضعفاء .

310 - ( 27 ) - حديث : { أن عبد الله بن زيد ألقى الأذان على بلال ، قال عبد الله : أنا رأيته ، وأنا كنت أريده يا رسول الله ، قال : فأقم أنت }رواه أحمد وأبو داود من حديث محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله ، عن عمه عبد الله بن زيد ، قال : { أراد النبي صلى الله عليه وسلم أشياء لم يصنع منها شيئا ، فأدى عبد الله بن زيد ، الأذان ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره قال : ألقه على بلال ، فأذن بلال ، فقال عبد الله : أنا رأيته ، وأنا كنت أريده قال : فأقم أنت } ومحمد بن عمرو هو الواقفي ، بينه أبو داود الطيالسي ، في روايته وهو ضعيف ، واختلف عليه فيه ، فقيل : عن محمد بن عبد الله ، وقيل : عن عبد الله بن محمد ، قال ابن عبد البر : إسناده حسن ، أحسن من حديث الإفريقي . وقال البيهقي : إن صحا لم يتخالفا ، لأن قصة الصدائي بعد ، وذكره ابن شاهين في الناسخ ، وقال البخاري : عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده ، لم يذكر سماع بعضهم من بعض ، كأنه يشير إلى ما رواه البيهقي من طريق أبي العميس عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد ، عن أبيه عن جده ، { أنه رأى الأذان والإقامة مثنى مثنى ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : علمهن بلالا ، قال : فتقدمت ، فأمرني أن أقيم فأقمت } ، قال الحاكم : رواه الحفاظ من أصحاب أبي العميس عن زيد بن محمد بن عبد الله بن زيد ، وعند ابن شاهين : { أن عمر جاء فقال : أنا رأيت الرؤيا ويؤذن بلال ، قال فأقم أنت }. وقال غريب : لا أعلم أحدا قال فيه : إن الذي أقام عمر إلا في هذا ، والمعروف أنه عبد الله بن زيد ، وله طريق أخرى أخرجها أبو الشيخ في كتاب الأذان من حديث الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : { كان أول من أذن في الإسلام بلال ، وأول من أقام عبد الله بن زيد } ، وإسناده [ ص: 376 ] منقطع بين الحكم ومقسم ، لأن هذا من الأحاديث التي لم يسمعها منه . ( قوله ) من المحبوبات أن يصلي المؤذن وسامعه على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان ويقول : { اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة ، والفضيلة ، والدرجة الرفيعة ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته }أخرجه مسلم وغيره من حديث عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي }الحديث .

وأخرج البخاري وأصحاب السنن من حديث جابر مرفوعا { من قال حين يسمع النداء ، اللهم رب هذه الدعوة التامة . . . }الحديث ، لكن ليس فيه والدرجة الرفيعة ، وقال : مقاما محمودا ، وعند النسائي ، وابن خزيمة بالتعريف فيهما ، وليس في شيء من طرقه ذكر الدرجة الرفيعة ، وزاد الرافعي في المحرر في آخره : { يا أرحم الراحمين } ، وليست أيضا في شيء من طرقه . وروى البزار من حديث أبي هريرة أن المقام المحمود : الشفاعة .

( قوله ) : ويستحب لمن سمع أذان المغرب أن يقول : { اللهم هذا إقبال ليلك } الحديث . رواه أبو داود ، والترمذي من حديث أم سلمة ، [ ص: 377 ] صححه الحاكم .

311 - ( 28 ) - قوله : { وأن يجيب المؤذن فيقول مثل ما يقول إلا في الحيعلتين ، فإنه يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإلا في كلمتي الإقامة ، فإنه يقول : أقامها الله وأدامها ، وجعلني من صالحي أهلها ، وإلا في التثويب فيقول : صدقت وبررت }عن أبي سعيد الخدري مرفوعا { إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول }أخرجه الستة ، ورواه الترمذي وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة .

وروى أبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو { أن رجلا قال : يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا ، فقال : قل كما يقولون ، فإذا انتهيت فسل تعطه }وعن أم حبيبة مرفوعا من فعله . رواه ابن خزيمة [ ص: 378 ] والحاكم ، وروى البخاري والنسائي من حديث معاوية مرفوعا { القول كما يقول المؤذن إلا الحيعلتين } ، وأخرجه مسلم من حديث عمر والبزار من حديث أبي رافع ، وأما كلمتي الإقامة : فأخرجه أبو داود من حديث أبي أمامة { أن بلالا أخذ في الإقامة ، فلما بلغ قد قامت الصلاة ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : أقامها الله وأدامها }وهو ضعيف والزيادة فيه لا أصل لها ، وكذا لا أصل لما ذكره في " الصلاة خير من النوم "

312 - ( 29 ) - حديث : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { المؤذن أملك بالأذان ، والإمام أملك بالإقامة } ابن عدي في ترجمة شريك القاضي من روايته عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، تفرد به شريك ، وقال البيهقي : ليس بمحفوظ . ورواه أبو الشيخ من طريق أبي الجوزاء عن ابن عمر ، وفيه معارك بن عباد وهو ضعيف ، ورواه البيهقي عن علي موقوفا ، وقد أخرجه مسلم من حديث جابر بن سمرة : { كان بلال يؤذن إذا دحضت الشمس ، ولا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم }.

التالي السابق


الخدمات العلمية