الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 180 ] كتاب صلاة الكسوف

699 - ( 1 ) - حديث أبي بكرة : { كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه ، حتى دخل المسجد ، فدخلنا فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس ، فقال : إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ، فإذا رأيتموهما فصلوا ، وادعوا حتى ينكشف ما بكم }. البخاري ، وابن حبان ، والحاكم ، ولفظهما : { فإذا انكسف أحدهما فافزعوا إلى المساجد }. وفيه : { فصلى بهم ركعتين مثل صلاتكم }. وللنسائي : " مثل ما تصلون " .

( تنبيه ) :

وقع في الخلاصة ، وشرح المهذب ما يوهم أنه من المتفق عليه ، وليس كذلك بل لم يخرج مسلم عن أبي بكرة في الكسوف شيئا .

700 - ( 2 ) - حديث ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع أربع ركوعات في ركعتين ، وأربع سجدات }. مسلم بلفظ : أربع ركعات ، واتفقا عليه من حديث ابن عباس مطولا مفصلا مبينا . قوله : اشتهرت الرواية عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم على أن في كل ركعة ركوعين ، انتهى . كذا رواه الأئمة عن عائشة ، وأسماء بنت أبي بكر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص [ ص: 181 ] وابن عباس ، وجابر ، وأبي موسى الأشعري ، وسمرة بن جندب .

( فائدة ) :

تمسك الحنفية بظاهر حديث أبي بكرة السابق في قوله : { مثل صلاتكم }. وبحديث عبد الرحمن بن سمرة أخرجه مسلم وفيه : { قرأ سورتين ، وصلى ركعتين }. وبحديث النعمان بن بشير وفيه : { فجعل يصلي ركعتين }. أخرجه أبو داود ، ورواه النسائي ، بلفظ : { فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة ركعتين }وأخرجه أحمد ، والحاكم وصححه ابن عبد البر ، وأعله ابن أبي حاتم بالانقطاع ، وبحديث قبيصة بن المخارق وفيه : { فصلى ركعتين }أخرجه أبو داود ، والحاكم .

701 - ( 3 ) - حديث : { صلى في كل ركعة ثلاث ركوعات }. أخرجه مسلم من حديث ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير قال : حدثني من أصدق ، قال : حسبته يريد عائشة : { أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام قياما شديدا ، يقوم قياما ثم يركع ، ثم يقوم ثم يركع ، ثم يقوم ثم يركع ركعتين في ثلاث ركعات ، وأربع سجدات }. ولأبي داود : [ ص: 182 ] في كل ركعة ثلاث ركعات . ورواه البيهقي من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء ، عن جابر قال : { انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات ، في أربع سجدات }. قال البيهقي عن الشافعي : إنه غلط .

702 - ( 4 ) - حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين في كل ركعة أربع ركوعات }. مسلم من حديث ابن عباس : { أنه صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف قرأ ثم ركع ، ثم قرأ ثم ركع ، ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ، ثم سجد ، والأخرى مثلها }. وصححه الترمذي ، وقال ابن حبان في صحيحه : هذا الحديث ليس بصحيح ; لأنه من رواية حبيب بن أبي ثابت عن طاوس ، ولم يسمعه حبيب من طاوس . وقال البيهقي : حبيب وإن كان ثقة فإنه كان يدلس ، ولم يبين سماعه فيه من طاوس ، وقد خالفه سليمان الأحول فوقفه ، وروي عن حذيفة نحوه قاله البيهقي ، وأما ما رواه النسائي عن عبدة بن عبد الرحيم ، عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة : { أنه صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف في صفة زمزم أربع ركعات في أربع سجدات }. احتج به النسائي على أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف أكثر من مرة . وفيه نظر ، لأن الحفاظ رووه عن يحيى بن سعيد بدون قوله في صفه زمزم . كذا هو عند مسلم والنسائي أيضا فهذه الزيادة شاذة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية