الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 413 ] حديث : { لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم }. أحمد وأصحاب السنن ، وابن حبان والحاكم ، والطبراني ، والبيهقي ، من حديث عبد الله بن بسر ، عن أخته الصماء ، وصححه ابن السكن .

وروى الحاكم ، عن الزهري أنه كان إذا ذكر له الحديث قال : هذا حديث حمصي ، وعن الأوزاعي قال : ما زلت له كاتما حتى رأيته قد اشتهر ، وقال أبو داود في السنن : قال مالك : هذا الحديث كذب : قال الحاكم : وله معارض بإسناد صحيح ، ثم روي عن كريب أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوه إلى أم سلمة أسألها عن الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لها صياما ، فقالت : يوم السبت والأحد ، فرجعت إليهم فقاموا بأجمعهم إليها فسألوها ، فقالت : صدق : وكان يقول : { إنهما يوم عيد للمشركين ، فأنا أريد أن أخالفهم }. ورواه النسائي والبيهقي وابن حبان .

وروى الترمذي [ ص: 414 ] من حديث عائشة قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت ، والأحد ، والاثنين ، ومن الشهر الآخر : الثلاثاء والأربعاء والخميس }.

( تنبيه ) :

قد أعل حديث الصماء بالمعارضة المذكورة ، وأعل أيضا باضطراب ، فقيل هكذا ، وقيل : عن عبد الله بن بسر وليس فيه عن أخته الصماء ، وهذه رواية ابن حبان ، وليست بعلة قادحة ، فإنه أيضا صحابي ، وقيل : عنه ، عن أبيه بسر ، وقيل : عنه ، عن الصماء ، عن عائشة ، قال النسائي : هذا حديث مضطرب ، قلت : ويحتمل أن يكون عند عبد الله عن أبيه ، وعن أخته ، وعند أخته بواسطة ، وهذه طريقة من صححه ، ورجح عبد الحق الرواية الأولى ، وتبع في ذلك الدارقطني ، لكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج ، يوهن راويه وينبئ بقلة ضبطه ، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث ، فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه ، وليس الأمر هنا كذا ، بل اختلف فيه أيضا على الراوي عن عبد الله بن بسر أيضا ، وادعى أبو داود : أن هذا منسوخ ، ولا يتبين وجه النسخ فيه ، قلت : يمكن أن يكون أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر ، ثم في آخر أمره قال : خالفوهم ، فالنهي عن صوم يوم السبت يوافق الحالة الأولى ، وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية ، وهذه صورة النسخ والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية