الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      صفحة جزء
      ومن ذلك معراج نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى سدرة المنتهى ، وإلى حيث شاء الله - عز وجل - كما ثبتت به الأحاديث الصحيحة المشهورة في الصحيحين وغيرهما ، قال البخاري رحمه الله تعالى : باب المعراج . حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا همام بن يحيى ، حدثنا قتادة ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حدثهم عن ليلة أسري به ، قال : بينما أنا نائم في الحطيم ، وربما قال : في الحجر مضطجعا ، إذ أتاني آت ، فقد قال : وسمعته يقول : فشق ما بين هذه إلى هذه ، فقلت للجارود وهو إلى جنبي ، قال : من ثغرة نحره إلى شعرته ، وسمعته يقول : من قصه إلى شعرته ، فاستخرج قلبي ، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا ، فغسل قلبي ثم حشي ، ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض ، فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ فقال أنس : نعم ، يضع خطوه عند أقصى طرفه ، فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت فإذا فيها آدم ، فقال : هذا أبوك آدم ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد [ ص: 165 ] حتى أتى السماء الثانية فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت ، إذا بيحيى وعيسى وهما ابنا الخالة ، قال : هذا يحيى وعيسى ، فسلم عليهما ، فسلمت فردا ، ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعدت إلى السماء الثالثة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت ، إذا يوسف ، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت ، إذا إدريس ، قال : هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، فلما خلصت ، فإذا هارون ، فقال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، فلما خلصت ، فإذا موسى ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، فلما تجاوزت بكى ، قيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي ، يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي ، ثم صعد بي إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قال : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، فلما خلصت ، فإذا إبراهيم ، قال : هذا أبوك فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام . قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، قال : هذه سدرة المنتهى ، وإذا أربعة أنهار : نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما [ ص: 166 ] الظاهران فالنيل والفرات ، ثم رفع إلى البيت المعمور ، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل ، فأخذت اللبن ، فقال : هي الفطرة ، أنت عليها وأمتك ، ثم فرضت علي الصلوات خمسين صلاة كل يوم ، فرجعت فمررت على موسى ، فقال : بما أمرت ؟ قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني والله قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، فرجعت فقال مثله ، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى فقال : بما أمرت ؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : سألت ربي حتى استحييت ، ولكنى أرضى وأسلم ، قال : فلما جاوزت ، ناداني مناد : أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية