الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ، ويقدمون المهاجرين على الأنصار .

      [ ص: 273 ] ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاث مائة وبضعة عشر : ( اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم ) .

      وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مائة .

      ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة ) .

      التالي السابق


      ش وأما قوله : ( ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعده وقاتل ) ؛ فلورود النص القرآني بذلك ، قال تعالى في سورة الحديد : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى .

      [ ص: 274 ] وأما تفسير الفتح بصلح الحديبية ؛ فذلك هو المشهور ، وقد صح أن سورة الفتح نزلت عقيبه .

      وسمي هذا الصلح فتحا ؛ لما ترتب عليه من نتائج بعيدة المدى في عزة الإسلام ، وقوته وانتشاره ، ودخول الناس فيه .

      وأما قوله : ( ويقدمون المهاجرين على الأنصار ) ؛ فلأن المهاجرين جمعوا الوصفين : النصرة والهجرة ، ولهذا كان الخلفاء الراشدون وبقية العشرة من المهاجرين ، وقد جاء القرآن بتقديم المهاجرين على الأنصار في سورة التوبة والحشر ، وهذا التفضيل إنما هو للجملة على الجملة ، فلا ينافي أن في الأنصار من هو أفضل من بعض المهاجرين .

      وقد روي عن أبي بكر أنه قال في خطبته يوم السقيفة : ( نحن المهاجرون ، وأول الناس إسلاما ، أسلمنا قبلكم ، وقدمنا في القرآن عليكم ، فنحن الأمراء ، وأنتم الوزراء ) .

      [ ص: 275 ] وأما قوله : ( ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر . . ) إلخ ؛ فقد ورد أن عمر رضي الله عنه لما أراد قتل حاطب بن أبي بلتعة وكان قد شهد بدرا لكتابته كتابا إلى قريش يخبرهم فيه بمسير الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : وما يدريك يا عمر ؟ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .

      وأما قوله : ( وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة . . ) إلخ ؛ فلإخباره صلى الله عليه وسلم بذلك ، ولقوله تعالى : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة . . الآية فهذا الرضا مانع من إرادة تعذيبهم ، ومستلزم لإكرامهم ومثوبتهم .

      وأما قوله : ( ويشهدون بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة ) .

      أما العشرة ؛ فهم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو عبيدة بن الجراح .

      [ ص: 276 ] وأما غيرهم ؛ فكثابت بن قيس ، وعكاشة بن محصن ، وعبد الله بن سلام ، وكل من ورد الخبر الصحيح بأنه من أهل الجنة .




      الخدمات العلمية