الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر ، ثم عمر ، ويثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي رضي الله عنهم ؛ كما دلت عليه الآثار ، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة .

      [ ص: 277 ] مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر أيهما أفضل ؟ فقدم قوم عثمان وسكتوا ، أو ربعوا بعلي ، وقدم قوم عليا ، وقوم توقفوا .

      لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ، ثم علي .

      وإن كانت هذه المسألة مسألة عثمان وعلي ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة .

      لكن التي يضلل فيها : مسألة الخلافة ، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر ، وعمر ، ثم عثمان ، ثم علي .

      ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء ؛ فهو أضل من حمار أهله )

      التالي السابق


      ش وأما قوله : ( ويؤمنون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ) ؛ فقد ورد أن عليا رضي الله عنه قال ذلك على منبر الكوفة ، وسمعه منه الجم الغفير ؛ وكان يقول : ( ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى علمنا أن أفضلنا بعده أبو بكر ، وما مات أبو بكر حتى علمنا أن أفضلنا بعده عمر ) .

      [ ص: 278 ] وأما قوله : ( ويثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي . . ) إلخ ؛ فمذهب جمهور أهل السنة أن ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل على حسب ترتيبهم في الخلافة ، وهم لهذا يفضلون عثمان على علي ، محتجين بتقديم الصحابة عثمان في البيعة على علي .

      وبعض أهل السنة يفضل عليا ؛ لأنه يرى أن ما ورد من الآثار في مزايا علي ومناقبه أكثر .

      وبعضهم يتوقف في ذلك .

      وعلى كل حال ؛ فمسألة التفضيل ليست كما قال المؤلف من مسائل الأصول التي يضلل فيها المخالف ، وإنما هي مسألة فرعية يتسع لها الخلاف .

      وأما مسألة الخلافة ؛ فيجب الاعتقاد بأن خلافة عثمان كانت صحيحة ؛ لأنها كانت بمشورة من الستة ، الذين عينهم عمر رضي الله عنه ليختاروا الخليفة من بعده ، فمن زعم أن خلافة عثمان كانت باطلة ، [ ص: 279 ] وأن عليا كان أحق بالخلافة منه ؛ فهو مبتدع ضال يغلب عليه التشيع ؛ مع ما في قوله من إزراء بالمهاجرين والأنصار .




      الخدمات العلمية