الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا ) .

      التالي السابق


      ش وجعل الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة والعبودية مقرونا بالشهادة لله بالتوحيد ؛ للإشارة إلى أنه لا بد من كل منهما ، فلا تغني إحداهما عن الأخرى ، ولهذا قرن بينهما في الأذان ، وفي التشهد .

      وقال بعضهم في تفسير قوله تعالى : ورفعنا لك ذكرك : ( يعني : لا أذكر إلا ذكرت معي ) ، وإنما جمع له بين وصفي الرسالة والعبودية ؛ لأنهما أعلى ما يوصف به العبد .

      والعبادة : هي الحكمة التي خلق الله الخلق لأجلها كما قال تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .

      [ ص: 90 ] فكمال المخلوق في تحقيق تلك الغاية ، وكلما ازداد العبد تحقيقا للعبودية ؛ ازداد كماله ، وعلت درجته ، ولهذا ذكر الله نبيه بلقب العبد في أسمى أحواله وأشرف مقاماته ؛ كالإسراء به ، وقيامه بالدعوة إلى الله ، والإيحاء إليه ، والتحدي بالذي أنزل عليه .

      ونبه بوصف العبودية أيضا إلى الرد على أهل الغلو الذين قد يتجاوزون بالرسول قدره ، ويرفعونه إلى مرتبة الألوهية ، كما يفعل ضلال الصوفية قبحهم الله ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، وإنما أنا عبد ، فقولوا عبد الله ورسوله .

      والمقصود أن هذه الشهادة تتضمن اعتراف العبد بكمال عبوديته صلى الله عليه وسلم لربه ، وكمال رسالته ، وأنه فاق جميع البشر في كل خصلة كماله .

      ولا تتم هذه الشهادة حتى يصدقه العبد في كل ما أخبر به ، ويطيعه في كل ما أمر به ، وينتهي عما نهى عنه .



      الصلاة في اللغة : الدعاء ؛ قال تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم .

      [ ص: 91 ] وأصح ما قيل في صلاة الله على رسوله هو ما ذكره البخاري في ( صحيحه ) عن أبي العالية قال : ( صلاة الله على رسوله : ثناؤه عليه عند الملائكة ) .

      والمشهور أن الصلاة من الملائكة الاستغفار كما في الحديث الصحيح : والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه ، يقولون : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، ومن الآدميين : التضرع والدعاء .

      وآل الشخص هم من يمتون إليه بصلة وثيقة من قرابة ونحوها .

      وآله صلى الله عليه وسلم يراد بهم أحيانا من حرمت عليهم الصدقة ، وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، ويراد بهم أحيانا كل من تبعه على دينه .

      وأصل ( آل ) : أهل ، أبدلت الهاء همزة ، فتوالت همزتان ، فقلبت الثانية منهما ألفا ، ويصغر على أهيل أو أويل ، ولا يستعمل إلا فيما شرف غالبا ، فلا يقال : آل الإسكاف وآل الحجام .

      [ ص: 92 ] والمراد بالصحب أصحابه صلى الله عليه وسلم ، وهم كل من لقيه حال حياته مؤمنا ، ومات على ذلك .

      والسلام : اسم مصدر من سلم تسليما عليه ، بمعنى طلب له السلامة من كل مكروه ، وهو اسم من أسمائه تعالى ، ومعناه : البراءة والخلاص من النقائص والعيوب ، أو الذي يسلم على عباده المؤمنين في الآخرة .

      و ( مزيدا ) صفة لـ ( تسليما ) ، وهو اسم مفعول من ( زاد ) المتعدي ، والتقدير : مزيدا فيه .




      الخدمات العلمية