الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
الرابع : ما لم يؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب وإن ألف في الاصطلاح الحادث ، وهذا موضع زلت فيه أقدام كثير من الناس حيث تأولوا كثيرا من ألفاظ النصوص بما لم يؤلف استعمال اللفظ له في لغة العرب البتة وإن كان معهودا في اصطلاح المتأخرين وهذا مما ينبغي التنبه له فإنه حصل بسببه من الكذب على الله ورسوله ما حصل ، كما تأولت طائفة قوله تعالى : ( فلما أفل ) بالحركة وقالوا : استدل بحركته على بطلان ربوبيته ، ولا يعرف في لغة العرب التي نزل بها القرآن أن الأفول هو الحركة في موضع واحد البتة ، وكذلك تأويل الأحد بأنه الذي لا يتميز منه عن شيء البتة ، ثم قالوا : لو كان فوق العرش لم يكن أحدا ; فإن تأويل الأحد بهذا المعنى لا يعرفه أحد من العرب ولا أهل اللغة إنما هو اصطلاح الجهمية والفلاسفة والمعتزلة ومن رافقهم ، وكتأويل قوله : ( ثم استوى على العرش ) بأن المعنى أقبل على خلق العرش ، فإن هذا لا يعرف في لغة العرب ولا غيرها من الأمم ، لا يقال لمن أقبل على الرحل : استوى عليه ولا لمن أقبل على عمل من الأعمال من قراءة أو دراسة أو كتابة أو صناعة قد استوى عليها ، وهذا التأويل باطل من وجوه كثيرة سنذكرها بعد إن شاء الله تعالى ، لو لم يكن منه إلا تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب هذا التأويل لكفاه ، فإنه ثبت في الصحيح " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء " فكان العرش موجودا قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة فكيف يقال : إنه خلق السماوات والأرض في [ ص: 25 ] ستة أيام ثم أقبل على خلق العرش ، والتأويل إذا تضمن تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فحسبه ذلك بطلانا .

التالي السابق


الخدمات العلمية