الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

فالجهمية والمعتزلة : تزعم أن ذاته لا تحب ، ووجهه لا يرى ، ولا يلتذ بالنظر إليه ، ولا تشتاق القلوب إليه ، فهم في الحقيقة منكرون الإلهية .

والقدرية : تنكر دخول أفعال الملائكة والجن والإنس وسائر الحيوان تحت قدرته ومشيئته وخلقه ، فهم منكرون في الحقيقة لكمال عزه وملكه .

والجبرية : تنكر حكمته ، وأن يكون له في أفعاله وأوامره غاية يفعل ويأمر لأجلها ، فهم منكرون في الحقيقة لحكمته وحمده .

وأتباع ابن سينا ، و النصير الطوسي وفروخهما : ينكرون أن يكون ماهية غير الوجود المطلق ، وأن يكون له وصف ثبوتي زائد على ماهية الوجود ، فهم في الحقيقة منكرون لذاته وصفاته وأفعاله ، لا يتحاشون من ذلك .

والاتحادية : أدهى وأمر ، فإنهم رفعوا القواعد من الأصل ، وقالوا : ما ثم وجود خالق ووجود مخلوق ، بل الخلق المشبه هو عين الحق المنزه ، كل ذلك من عين واحدة ، بل هو العين الواحدة .

فهذه الشهادة العظيمة : كل هؤلاء هم بها غير قائمين ، وهي متضمنة لإبطال ما هم عليه ورده ، كما تضمنت إبطال ما عليه المشركون ورده ، وهي مبطلة لقول طائفتي الشرك والتعطيل ، ولا يقوم بهذه الشهادة إلا أهل الإثبات الذين يثبتون لله ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات ، وينفون عنه مماثلة المخلوقات ، ويعبدونه وحده لا يشركون به شيئا .

التالي السابق


الخدمات العلمية