الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما قلم الظفر فنقول : لا يجوز للمحرم قلم أظفاره لقوله تعالى { ثم ليقضوا تفثهم } وقلم الأظفار من قضاء التفث ، رتب الله تعالى قضاء التفث على الذبح ; لأنه ذكره بكلمة موضوعة للترتيب مع التراخي بقوله عز وجل : { ليذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم } ، فلا يجوز الذبح ; ولأنه ارتفاق بمرافق المقيمين ، والمحرم ممنوع عن ذلك ; ولأنه نوع نبات استفاد الأمن بسبب الإحرام فيحرم التعرض له كالنوع الآخر ، وهو النبات الذي استفاد الأمن بسبب الحرم ، فإن قلم أظافير يد أو رجل من غير عذر وضرورة فعليه دم ; لأنه ارتفاق كامل فتكاملت الجناية فتجب كفارة كاملة .

                                                                                                                                وإن قلم أقل من يد أو رجل فعليه صدقة لكل ظفر نصف صاع وهذا قول أصحابنا الثلاثة .

                                                                                                                                وقال زفر : " إذا قلم ثلاثة أظفار فعليه دم وجه قوله أن ثلاثة أظافير من اليد أكثرها ، والأكثر يقوم مقام الكل في هذا الباب كما في حلق الرأس ، ولأصحابنا الثلاثة : أن قلم ما دون اليد ليس بارتفاق كامل فلا يوجب كفارة كاملة .

                                                                                                                                وأما قوله : " الأكثر يقوم مقام الكل " فنقول : إن اليد الواحدة قد أقيمت مقام كل الأطراف في وجوب الدم ، وما أقيم مقام الكل لا يقوم أكثره مقامه ، كما في الرأس أنه لما أقيم الربع فيه مقام الكل ، لا يقام أكثر الربع مقامه ، وهذا ; لأنه لو أقيم أكثر ما أقيم مقام الكل مقامه ; لأقيم أكثر أكثره مقامه فيؤدي إلى إبطال التقدير أصلا ورأسا .

                                                                                                                                وهذا لا يجوز .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية