الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) خرء بعض الطيور من الدجاج والبط ، وجملة الكلام فيه أن الطيور نوعان : نوع لا يذرق في الهواء ونوع يذرق في الهواء .

                                                                                                                                ( أما ) ما لا يذرق في الهواء كالدجاج والبط فخرؤهما نجس ; لوجود معنى النجاسة فيه ، وهو كونه مستقذرا لتغيره إلى نتن وفساد رائحة فأشبه العذرة ، وفي الإوز عن أبي حنيفة روايتان ، روى أبو يوسف عنه أنه ليس بنجس ، وروى الحسن عنه أنه نجس ، ( وما ) يذرق في الهواء نوعان أيضا : ما يؤكل لحمه ، كالحمام ، والعصفور ، والعقعق ، ونحوها ، وخرؤها طاهر ، عندنا وعند الشافعي نجس وجه قوله أن الطبع قد أحاله إلى فساد فوجد معنى النجاسة ، فأشبه الروث والعذرة .

                                                                                                                                ( ولنا ) إجماع الأمة فإنهم اعتادوا اقتناء الحمامات في المسجد الحرام والمساجد الجامعة مع علمهم أنها تذرق فيها ، ولو كان نجسا لما فعلوا ذلك مع الأمر بتطهير المسجد ، وهو قوله تعالى : { أن طهرا بيتي للطائفين }

                                                                                                                                وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن حمامة ذرقت عليه فمسحه وصلى ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه مثل ذلك في العصفور ، وبه تبين أن مجرد إحالة الطبع لا يكفي للنجاسة ما لم يكن للمستحيل نتن وخبث رائحة تستخبثه الطباع السليمة ، وذلك منعدم ههنا على أنا إن سلمنا ذلك لكان التحرز عنه غير ممكن ; لأنها تذرق في الهواء فلا يمكن صيانة الثياب والأواني عنه ، فسقط اعتباره للضرورة كدم البق والبراغيث وحكى مالك في هذه المسألة الإجماع على الطهارة ، ومثله لا يكذب فلئن لم يثبت الإجماع من حيث القول يثبت من حيث الفعل وهو ما بينا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية