الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) كيفية الجواز : فالزيادة في المبيع والثمن عندنا تلتحق بأصل العقد ، كأن العقد من الابتداء ورد على الأصل والزيادة جميعا إذا لم يتضمن الالتحاق فساد أصل العقد بلا خلاف بين أصحابنا ، وكذلك الحط ، فأما إذا تضمن ذلك بأن كانت الزيادة في الأموال الربوية فهل يلتحق به ويفسده أم لا يلتحق به وكذلك الحط ؟ اختلف أصحابنا في ذلك قال أبو حنيفة : رضي الله عنه الزيادة والحط يلتحقان بأصل العقد ويفسدانه وقال أبو يوسف : يبطلانه ولا يلتحقان بأصل ، وأصل العقد صحيح على حاله وقال محمد : الزيادة باطلة والعقد على حاله ، والحط جائز هبة مبتدأة وهذا بناء على أصل ذكرناه فيما تقدم أن الشرط الفاسد المتأخر عن العقد الصحيح إذا ألحق به هل يلتحق به ويؤثر في فساده أم لا ؟ وهو على الاختلاف الذي ذكرنا أن الزيادة بمنزلة شرط فاسد متأخر عن العقد الصحيح ألحق به ، فأبو يوسف يقول : لا تصح الزيادة والحط في أموال الربا ; لأن ذلك لو صح لالتحق بأصل العقد .

                                                                                                                                ولو التحق بأصل العقد لأوجب فساد أصل العقد لتحقق الربا فلم يصح فبقي أصل العقد صحيحا كما كان ، ومحمد يقول : لا تصح الزيادة لما قاله أبو يوسف فلم تؤثر في أصل العقد فبقي على حاله ويصح الحط ; لأن الالتحاق من لوازم الزيادة ، فأما ما ليس من لوازم الزيادة فلا يصح الحط على ما ذكرنا فيما تقدم وأبو حنيفة يقول : الزيادة والحط صحيحان زيادة وحطا ; لأن العاقدين أوقعاهما زيادة وحطا ولهما ولاية ذلك فيقعان زيادة وحطا ، ومن شأن الزيادة والحط الالتحاق بأصل العقد فيلتحقان به ، فكانت الزيادة والحط ههنا إبطالا للعقد السابق ولهما ولاية الإبطال بالفسخ وكذا بالزيادة والحط والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية