الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ومنها حرمة الاسترقاق [ ص: 136 ] فإن المرتد لا يسترق ، وإن لحق بدار الحرب ; لأنه لم يشرع فيه إلا الإسلام أو السيف ; لقوله - سبحانه وتعالى - { تقاتلونهم أو يسلمون } وكذا الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا عليه في زمن سيدنا أبي بكر رضي الله عنه ولأن استرقاق الكافر للتوسل إلى الإسلام ، واسترقاقه لا يقع وسيلة إلى الإسلام على ما مر من قبل ولهذا لم يجز إبقاؤه على الحرية ، بخلاف المرتدة إذا لحقت بدار الحرب ، إنها تسترق ; لأنه لم يشرع قتلها ، ولا يجوز إبقاء الكافر على الكفر إلا مع الجزية أو مع الرق ، ولا جزية على النسوان ، فكان إبقاؤها على الكفر مع الرق أنفع للمسلمين من إبقائها من غير شيء وكذا الصحابة رضي الله عنهم استرقوا نساء من ارتد من العرب وصبيانهم حتى قيل : إن أم محمد ابن الحنفية ، وهي خولة بنت إياس كانت من سبي بني حنيفة ، ومنها حرمة أخذ الجزية ، فلا تؤخذ الجزية من المرتد لما ذكرنا ، ومنها أن العاقلة لا تعقل جنايته لما ذكرنا من قبل أن موجب الجناية على الجاني ، وإنما العاقلة تتحمل عنه بطريق التعاون .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية