الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وكذا لو افتتح الفرض قائما ثم أراد أن يقعد ليس له ذلك بالإجماع .

                                                                                                                                ولو افتتح التطوع قائما ثم أراد أن يقعد من غير عذر فله ذلك عند أبي حنيفة استحسانا ، وعند أبي يوسف ومحمد لا يجوز وهو القياس ; لأن الشروع ملزم كالنذر .

                                                                                                                                ولو نذر أن يصلي ركعتين قائما لا يجوز له القعود من غير عذر ، فكذا إذا شرع قائما ولأبي حنيفة أنه متبرع وهو مخير بين القيام والقعود في الابتداء ، فكذا بعد الشروع لكونه متبرعا أيضا .

                                                                                                                                وأما قولهما : إن الشروع ملزم فنقول : إن الشروع ليس بملزم وضعا ، وإنما يلزم لضرورة صيانة ما انعقد عبادة عن البطلان ، وما انعقد يتعلق بقاؤه عبادة بوجود أصل ما بقي من الصلاة لا بوجود وصف ما بقي ، فإن التطوع قاعدا جائز في الجملة فلم يلزم تحصيل وصف القيام فيما بقي ; لأن لزوم ما بقي لأجل الضرورة ولا ضرورة في حق وصف القيام ، ولهذا لا يلزمه أكثر من ركعتين لاستغناء المؤدى عن الزيادة بخلاف النذر فإنه موضوع للإيجاب شرعا فإذا أوجب مع الوصف وجب كذلك حتى لو أطلق النذر ، لا رواية فيه فقيل : إنه على هذا الخلاف الذي ذكرنا في [ ص: 298 ] الشروع ، وقيل : لا يلزمه بصفة القيام ; لأن التطوع لم يتناول القيام فلا يلزمه إلا بالتنصيص عليه كالتتابع في باب الصوم ، وقيل : يلزمه قائما ; لأن النذر وضع للإيجاب فيعتبر ما أوجبه على نفسه بما أوجبه الله عليه مطلقا ، وهناك يلزمه بصفة القيام إلا من عذر كذا هذا .

                                                                                                                                وأما الشروع فليس بموضوع للوجوب وإنما جعل موجبا بطريق الضرورة ، والضرورة في حق الأصل دون الوصف على ما مر .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية