الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ثم يكبر أربع تكبيرات وكان ابن أبي ليلى يقول : خمس تكبيرات وهو رواية عن أبي يوسف ، وقد اختلفت الروايات في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فروي عنه الخمس والسبع والتسع ، وأكثر من ذلك إلا أن آخر فعله كان أربع تكبيرات لما روي عن عمر أنه جمع الصحابة رضي الله عنهم حين اختلفوا في عدد التكبيرات وقال لهم : إنكم اختلفتم فمن يأتي بعدكم يكون أشد اختلافا فانظروا آخر صلاة صلا ها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فخذوا بذلك فوجده صلى على امرأة كبر عليها أربعا فاتفقوا على ذلك فكان هذا دليلا على كون التكبيرات [ ص: 313 ] في صلاة الجنازة أربعا ; لأنهم أجمعوا عليها حتى قال عبد الله بن مسعود حين سئل عن تكبيرات الجنازة : كل ذلك قد كان ، ولكني رأيت الناس أجمعوا على أربع تكبيرات ، والإجماع حجة وكذا رووا عنه أنه صلى الله عليه وسلم كذا كان يفعل ثم أخبروا أن آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بأربع تكبيرات ، وهذا خرج مخرج التناسخ حيث لم تحمل الأمة الأفعال المختلفة على التخيير فدل أن ما تقدم نسخ بهذه التي صلاها آخر صلاته ; ولأن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة وليس في المكتوبات زيادة على أربع ركعات .

                                                                                                                                إلا أن ابن أبي ليلى يقول : التكبيرة الأولى للافتتاح فينبغي أن يكون بعدها أربع تكبيرات ، كل تكبيرة قائمة مقام ركعة ، والرافضة زعمت أن عليا كان يكبر على أهل بيته خمس تكبيرات ، وعلى سائر الناس أربعا ، وهذا افتراء منهم عليه فإنه روي عنه أنه كبر على فاطمة أربعا .

                                                                                                                                وروي أنه صلى على فاطمة أبو بكر وكبر أربعا ، وعمر صلى على أبي بكر الصديق وكبر أربعا ، فإذا كبر الأولى أثنى على الله تعالى وهو أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره .

                                                                                                                                وذكر الطحاوي أنه لا استفتاح فيه ولكن النقل والعادة أنهم يستفتحون بعد تكبيرة الافتتاح ، كما يستفتحون في سائر الصلوات ، وإذا كبر الثانية يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي الصلاة المعروفة وهي أن يقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلى قوله إنك حميد مجيد ، وإذا كبر الثالثة يستغفرون للميت ويشفعون وهذا ; لأن صلاة الجنازة دعاء للميت والسنة في الدعاء أن يقدم الحمد ، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء بعد ذلك ليكون أرجى أن يستجاب ، والدعاء أن يقول اللهم اغفر لحينا وميتنا إن كان يحسنه ، وإن لم يحسنه يذكر ما يدعو به في التشهد اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات إلى آخر هذا إذا كان بالغا ، فأما إذا كان صبيا فإنه يقول : اللهم اجعله لنا فرطا وذخرا وشفعه فينا كذا روي عن أبي حنيفة وهو المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكبر التكبيرة الرابعة ويسلم تسليمتين ; لأنه جاء أوان التحلل ، وذلك بالسلام وهل يرفع صوته بالتسليم لم يتعرض له في ظاهر الرواية ، وذكر الحسن بن زياد أنه لا يرفع صوته بالتسليم في صلاة الجنازة ; لأن رفع الصوت مشروع للإعلام ، ولا حاجة إلى الإعلام بالتسليم في صلاة الجنازة ; لأنه مشروع عقب التكبيرة الرابعة بلا فصل ، ولكن العمل في زماننا هذا يخالف ما يقوله الحسن ، وليس في ظاهر المذهب بعد التكبيرة الرابعة دعاء سوى السلام ، وقد اختار بعض مشايخنا ما يختم به سائر الصلوات : اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة إلخ .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية