الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وعلى هذا الأصل ينبني بيان ما يفسد الصوم وينقضه لأن انتقاض الشيء عند فوات ركنه أمر ضروري ، وذلك بالأكل ، والشرب ، والجماع سواء كان صورة ومعنى ، أو صورة لا معنى ، أو معنى لا صورة وسواء كان بغير عذر ، أو بعذر وسواء كان عمدا ، أو خطأ طوعا ، أو كرها بعد أن كان ذاكرا لصومه لا ناسيا ولا في معنى الناسي ، ، والقياس أن يفسد ، وإن كان ناسيا وهو قول مالك لوجود ضد الركن حتى قال أبو حنيفة : لولا قول الناس لقلت يقضي أي : لولا قول الناس إن أبا حنيفة خالف الأمر لقلت : يقضي لكنا تركنا القياس بالنص وهو ما روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإن الله عز وجل أطعمه وسقاه } حكم ببقاء صومه وعلل بانقطاع نسبة فعله عنه بإضافته إلى الله تعالى لوقوعه من غير قصده .

                                                                                                                                وروي عن أبي حنيفة أنه قال : لا قضاء على الناسي للأثر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم والقياس أن يقضي ذلك ولكن اتباع الأثر أولى إذا كان صحيحا ، وحديث صححه أبو حنيفة لا يبقى لأحد فيه مطعن .

                                                                                                                                وكذا انتقده أبو يوسف حيث قال : وليس حديثا شاذا نجترئ على رده ، وكان من صيارفة الحديث .

                                                                                                                                وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم مثل مذهبنا ولأن النسيان في باب الصوم مما يغلب وجوده ولا يمكن دفعه إلا بحرج فجعل عذرا دفعا للحرج .

                                                                                                                                وعن عطاء ، والثوري أنهما فرقا بين الأكل ، والشرب وبين الجماع ناسيا ، فقالا : يفسد صومه في الجماع ولا يفسد في الأكل ، والشرب لأن القياس يقتضي الفساد في الكل لفوات ركن الصوم في الكل ، إلا أنا تركنا القياس بالخبر ، وأنه ورد في الأكل ، والشرب فبقي الجماع على أصل القياس ، وإنا نقول : نعم الحديث ورد في الأكل ، والشرب لكنه معلول بمعنى يوجد في الكل ، وهو أنه فعل مضاف إلى الله تعالى على طريق التمحيص بقوله " فإنما أطعمه الله وسقاه " قطع إضافته عن العبد لوقوعه فيه من غير قصده واختياره ، وهذا المعنى يوجد في الكل ، ، والعلة إذا كانت منصوصا عليها كان الحكم منصوصا عليه ويتعمم الحكم بمعموم العلة

                                                                                                                                وكذا معنى الحرج يوجد في الكل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية