الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو كان يجامع امرأته في النهار ناسيا لصومه فتذكر فنزع من ساعته ، أو كان يجامع في الليل فطلع الفجر وهو مخالط فنزع من ساعته فصومه تام .

                                                                                                                                وقال زفر : فسد صومه وعليه القضاء ، وجه قوله إن جزءا من الجماع حصل بعد طلوع الفجر ، والتذكر ، وإنه يكفي لفساد الصوم لوجود المضادة له ، وإن قل ولنا أن الموجود منه بعد الطلوع ، والتذكر هو النزع ، والنزع ترك الجماع وترك الشيء لا يكون محصلا له بل يكون اشتغالا بضده ، فلم يوجد منه الجماع بعد الطلوع ، والتذكر رأسا ، فلا يفسد صومه ، ولهذا لم يفسد في الأكل ، والشرب كذا في الجماع ، وهذا إذا نزع بعد ما تذكر ، أو بعد ما طلع الفجر ، فأما إذا لم ينزع وبقي فعليه القضاء ولا كفارة عليه في ظاهر الرواية

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف أنه فرق بين الطلوع ، والتذكر فقال : في الطلوع عليه الكفارة ، وفي التذكر لا كفارة عليه .

                                                                                                                                وقال الشافعي : عليه القضاء ، والكفارة فيهما جميعا .

                                                                                                                                وجه قوله إنه وجد الجماع في نهار رمضان متعمدا لوجوده بعد طلوع الفجر ، والتذكر فيوجب القضاء ، والكفارة ، وجه رواية أبي يوسف وهو الفرق بين الطلوع ، والتذكر أن في الطلوع ابتداء الجماع كان عمدا ، والجماع جماع واحد بابتدائه وانتهائه ، والجماع العمد يوجب الكفارة .

                                                                                                                                وأما في التذكر : فابتداء الجماع كان ناسيا وجماع الناسي لا يوجب فساد الصوم فضلا عن وجوب الكفارة ، وجه ظاهر الرواية أن الكفارة إنما تجب بإفساد الصوم وإفساد الصوم يكون بعد وجوده ، وبقاؤه في الجماع يمنع وجود الصوم فإذا امتنع وجوده استحال الإفساد فلا تجب الكفارة ، ووجوب القضاء لانعدام صومه اليوم لا لإفساده بعد وجوده ، ولأن هذا جماع لم يتعلق بابتدائه وجوب الكفارة فلا يتعلق بالبقاء عليه لأن الكل فعل واحد [ ص: 92 ] وله شبهة الاتحاد وهذه الكفارة لا تجب مع الشبهة لما نذكره .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية