الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قال : لله علي أن أعتكف ليلتين ولا نية له ; يلزمه اعتكاف ليلتين مع يوميهما ، وكذلك لو قال : ثلاث ليال أو أكثر من ذلك من الليالي ويلزمه متتابعا لكن التعيين إليه لما قلنا ويدخل المسجد قبل [ ص: 111 ] غروب الشمس .

                                                                                                                                ولو نوى الليل دون النهار ; صحت نيته ; لأنه نوى حقيقة كلامه ولا يلزمه شيء ; لأن الليل ليس وقتا للصوم .

                                                                                                                                والأصل في هذا أن الأيام إذا ذكرت بلفظ الجمع يدخل ما بإزائها من الليالي .

                                                                                                                                وكذا الليالي إذا ذكرت بلفظ الجمع يدخل ما بإزائها من الأيام ; لقوله تعالى في قصة زكريا عليه السلام { ثلاثة أيام إلا رمزا } وقال عز وجل في موضع آخر { ثلاث ليال سويا } والقصة قصة واحدة ، فلما عبر في موضع باسم الأيام وفي موضع باسم الليالي ; دل أن المراد من كل واحد منهما : هو وما بإزاء صاحبه ، حتى أن في الموضع الذي لم تكن الأيام فيه على عدد الليالي أفرد كل واحد منهما بالذكر قال الله تعالى { سبع ليال وثمانية أيام حسوما } وللآيتين حكم الجماعة ههنا لجريان العرف فيه كما في اسم الجمع على ما بينا ولو قال : لله علي أن أعتكف ثلاثين يوما ولا نية له ; فهو على الأيام والليالي متتابعا لكن التعيين إليه .

                                                                                                                                ولو قال : نويت النهار دون الليل ; صحت نيته ; لأنه عنى به حقيقة كلامه دون ما نقل عنه بالعرف والعرف أيضا باستعمال هذه الحقيقة باق فتصح نيته .

                                                                                                                                ثم هو بالخيار : إن شاء تابع ، وإن شاء فرق ; لأن اللفظ مطلق عن قيد التتابع وكذا ذات الأيام لا تقتضي التتابع لتخلل ما ليس بمحل للاعتكاف بين كل يومين .

                                                                                                                                ولو قال : عنيت الليالي دون النهار ; لم يعمل بنيته ولزمه الليل والنهار ; لأنه لما نص على الأيام ، فإذا قال : نويت بها الليالي دون الأيام ; فقد نوى ما لا يحتمله كلامه ; فلا يقبل قوله .

                                                                                                                                ولو قال : لله علي أن أعتكف ثلاثين ليلة وقال : عنيت به الليالي دون النهار لا يلزمه شيء ; لأنه عنى به حقيقة كلامه والليالي في اللغة : اسم للزمان الذي كانت الشمس فيه غائبة إلا أنها عند الإطلاق تتناول ما بإزائها من الأيام بالعرف فإذا عنى به حقيقة كلامه والعرف أيضا باستعمال هذه الحقيقة باق ; صحت نيته لمصادفتها محلها .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية