الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزوة طيئ وإسلام عدي بن حاتم

في هذه السنة في شهر ربيع الآخر أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب في سرية إلى ديار طيئ ، وأمره أن يهدم صنمهم الفلس ، فسار إليهم وأغار عليهم ، فغنم وسبى وكسر الصنم ، وكان متقلدا سيفين يقال لأحدهما : مخذم ، وللآخر : رسوب ، فأخذهما علي وحملهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الحارث بن أبي شمر أهدى السيفين للصنم ، فعلقا عليه ، وأسر بنتا لحاتم الطائي ، وحملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، فأطلقها .

وأما إسلام عدي بن حاتم فقال عدي : جاءت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذوا أختي وناسا ، فأتوا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت أختي : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، [ ص: 152 ] فامنن علي من الله عليك . فقال : ومن وافدك ؟ قالت : عدي بن حاتم . قال : الذي فر من الله ورسوله ! فمن عليها ، وإلى جانبه رجل قائم وهو علي بن أبي طالب ، قال : سليه حملانا . فسألته ، فأمر لها به وكساها ، وأعطاها نفقة . قال عدي : وكنت ملك طيئ آخذ منهم المرباع وأنا نصراني ، فلما قدمت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هربت إلى الشام من الإسلام ، وقلت : أكون عند أهل ديني ، فبينا أنا بالشام إذ جاءت أختي ، وأخذت تلومني على تركها وهربي بأهلي دونها ، ثم قالت لي : أرى أن تلحق بمحمد سريعا ، فإن كان نبيا كان للسابق فضله ، وإن كان ملكا كنت في عز وأنت أنت . قال : فقدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه وعرفته نفسي ، فانطلق بي إلى بيته ، فلقيته امرأة ضعيفة فاستوقفته ، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها ، فقلت : ما هذا بملك ، ثم دخلت بيته فأجلسني على وسادة ، وجلس على الأرض ، فقلت في نفسي : ما هذا ملك . فقال لي : يا عدي ، إنك تأخذ المرباع وهو لا يحل في دينك ، ولعلك إنما يمنعك من الإسلام ما ترى من حاجتنا وكثرة عدونا ، والله ليفيضن المال فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ووالله لتسمعن بالمرأة تسير من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت ، لا تخاف إلا الله ، ووالله لتسمعن بالقصور البيض من بابل وقد فتحت . قال : فأسلمت ، فقد رأيت القصور البيض وقد فتحت ، ورأيت المرأة تخرج إلى البيت لا تخاف إلا الله ، ووالله لتكونن الثالثة ليفيضن المال حتى لا يقبله أحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية