الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قدوم عمرو بن العاص من عمان

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل عمرو بن العاص إلى جيفر عند منصرفه من حجة الوداع . فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمرو بعمان ، فأقبل حتى انتهى إلى البحرين ، فوجد المنذر بن ساوى في الموت . ثم خرج عنه إلى بلاد بني عامر فنزل بقرة بن هبيرة ، وقرة يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، ومعه عسكر من بني عامر ، فذبح له وأكرم مثواه . فلما أراد الرحلة خلا به قرة وقال : يا هذا ، إن العرب لا تطيب لكم نفسا بالإتاوة ، فإن أعفيتموها من أخذ أموالها فستسمع لكم وتطيع ، وإن أبيتم فلا تجتمع عليكم .

فقال له عمرو : أكفرت يا قرة ؟ أتخوفنا بالعرب ؟ فوالله لأوطئن عليك الخيل في حفش أمك .

[ ص: 209 ] والحفش : بيت تنفرد فيه النفساء .

وقدم على المسلمين بالمدينة فأخبرهم ، فأطافوا به يسألونه ، فأخبرهم أن العساكر معسكرة من دبا إلى المدينة . فتفرقوا وتحلقوا حلقا ، وأقبل عمر يريد التسليم على عمرو ، فمر على حلقة فيها علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن ، وسعد . فلما دنا عمر منهم سكتوا ، فقال : فيم أنتم ؟ فلم يجيبوه . فقال لهم : إنكم تقولون : ما أخوفنا على قريش من العرب ! قالوا : صدقت . قال : فلا تخافوهم ، أنا والله منكم على العرب أخوف مني من العرب عليكم ، والله لو تدخلون ، معاشر قريش ، جحرا لدخلته العرب في آثاركم ، فاتقوا الله فيهم .

ومضى عمر ، فلما قدم بقرة بن هبيرة على أبي بكر أسيرا ، استشهد بعمرو على إسلامه ، فأحضر أبو بكر عمرا فسأله ، فأخبره بقول قرة إلى أن وصل إلى ذكر الزكاة فقال قرة : مهلا يا عمرو ! فقال : كلا ، والله لأخبرنه بجميعه .

فعفا عنه أبو بكر وقبل إسلامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية