الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر خبر ردة اليمن

لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى مكة وأرضها عتاب بن أسيد ، وعلى عك والأشعريين الطاهر بن أبي هالة ، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص ومالك بن عوف النضري ، وعثمان على المدن ، ومالك على أهل الوبر ، وبصنعاء فيروز وداذويه يسانده ، [ ص: 227 ] وقيس بن مكشوح ، وعلى الجند يعلى بن أمية ، وعلى مأرب أبو موسى ، وكان منهم مع الأسود الكذاب ما ذكرناه . فلما أهلك الله الأسود العنسي بقي طائفة من أصحابه يترددون بين صنعاء ونجران ، لا يأوون إلى أحد . ومات النبي - صلى الله عليه وسلم - على أثر ذلك فارتد الناس ، فكتب عتاب بن أسيد إلى أبي بكر يعرفه خبر من ارتد في عمله ، وبعث عتاب أخاه خالدا إلى أهل تهامة ، وبها جماعة من مدلج وخزاعة وأبناء كنانة .

وأما كنانة عليهم جندب بن سلمى ، فالتقوا بالأبارق ، فقتلهم خالد وفرقهم ، وأفلت جندب بن سلمى وعاد ، وبعث عثمان بن أبي العاص بعثا إلى شنوءة وبها جماعة من الأزد ، وبجيلة ، وخثعم ، وعليهم حميضة بن النعمان ، واستعمل عثمان على السرية عثمان بن أبي ربيعة ، فالتقوا بشنوءة ، فانهزم الكفار وتفرقوا ، وهرب حميضة في البلاد .

وأما الأخابث من العك فكانوا أول منتقض بتهامة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تجمع عك والأشعريون ، وأقاموا على الأعلاب ، فسار إليهم الطاهر بن أبي هالة ومعه مسروق وقومه من عك ممن لم يرتد ، فالتقوا على الأعلاب ، فانهزمت عك ومن معهم ، وقتلوا قتلا ذريعا ، وكان ذلك فتحا عظيما . وورد كتاب أبي بكر على الطاهر يأمره بقتالهم ، وسماهم الأخابث ، وسمى طريقهم طريق الأخابث ، فبقي الاسم عليهم إلى الآن .

وأما أهل نجران فلما بلغهم موت النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلوا وفدا ليجددوا عهدهم مع أبي بكر ، فكتب بذلك كتابا .

وأما بجيلة فإن أبا بكر رد جرير بن عبد الله ، وأمره أن يستنفر من قومه من ثبت على الإسلام ، ويقاتل بهم من ارتد عن الإسلام ، وأن يأتي خثعم فيقاتل من خرج غضبا لذي الخلصة ، فخرج جرير وفعل ما أمره ، فلم يقم له أحد إلا نفر يسير ، فقتلهم وتتبعهم .

( حميضة بالحاء المهملة المضمومة ، والضاد المعجمة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية