الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 338 ] ذكر خلاف أهل فلسطين

وفيها خرج ثابت بن نعيم بعد أهل حمص والغوطة ، وكان خروجه في أهل فلسطين ، وانتقض على مروان أيضا ، وأتى طبرية فحاصرها وعليها الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم ابن أخي عبد الملك ، فقاتله أهلها أياما .

فكتب مروان بن محمد إلى أبي الورد يأمره بالمسير إليهم ، فسار إليهم ، فلما قرب منهم خرج أهل طبرية على ثابت فهزموه واستباحوا عسكره ، وانصرف إلى فلسطين منهزما ، وتبعه أبو الورد فالتقوا واقتتلوا ، فهزمه أبو الورد ثانية وتفرق أصحابه وأسر ثلاثة من أولاده وبعث بهم إلى مروان ، وتغيب ثابت وولده رفاعة .

واستعمل مروان على فلسطين الرماحس بن عبد العزيز الكناني ، فظفر بثابت وبعثه إلى مروان موثقا بعد شهرين ، فأمر به وبأولاده الثلاثة فقطعت أيديهم وأرجلهم وحملوا إلى دمشق فألقوا على باب المسجد ، ثم صلبهم على أبواب دمشق .

وكان مروان بدير أيوب فبايع لابنيه عبيد الله وعبد الله وزوجهما ابنتي هشام بن عبد الملك وجمع كذلك بني أمية ، واستقام له الشام ما خلا تدمر ، فسار إليها فنزل القسطل ، وبينه وبين تدمر أيام ، وكانوا قد عوروا المياه ، فاستعمل المزاد والقرب والإبل ، وكلمه الأبرش بن الوليد وسليمان بن هشام وغيرهما ، وسألوه أن يرسل إليهم ، فأذن لهم في ذلك ، وسار الأبرش وخوفهم وحذرهم ، فأجابوا إلى الطاعة ، وهرب نفر منهم إلى البر ممن لم يثق بمروان ، ورجع الأبرش إلى مروان ومعه من أطاع بعد أن هدم سورها .

وكان مروان قد سير يزيد بن عمر بن هبيرة بين يديه إلى العراق لقتال الضحاك الخارجي ، وضرب على أهل الشام بعثا وأمرهم باللحاق بيزيد ، وسار مروان إلى الرصافة ، فاستأذنه سليمان بن هشام ليقيم أياما ليقوى من معه ويستريح ظهره . فأذن له ، وتقدم مروان إلى قرقيسيا وبها ابن هبيرة ليقدمه إلى الضحاك ، فرجع عشرة آلاف ممن كان قد أخذه من أهل الشام لقتال الضحاك ، فأقاموا بالرصافة ودعوا سليمان إلى خلع مروان ، فأجابهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية